بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 حزيران 2020 12:02ص قانون قيصر مخطط لتقسيم سوريا

حجم الخط
مما لا شك فيه أن الهدف من فرض قانون قيصر هو تدمير الاقتصاد السوري لاضعاف مناعة دمشق السياسية ولايقاف مشروع إعادة الإعمار تمهيداً للبدء بمشروع تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية وفقاً لرغبة «برنارد لويس» تلميذ المدرسة الكيسنجيرية، والغاية البعيدة من ذلك هي اضعاف «حزب الله» في لبنان وعزل إيران.

كل عاقل بات يعلم بأن الاقتصاد السوري أنهكته الحرب منذ العام 2011 واليوم أتى قانون قيصر ليعمق نزيف هذا الاقتصاد مستغلاً عدم عودة سوريا حتى الآن إلى جامعة الدول العربية، فوكالة «الأناضول» قالت بتاريخ 17 حزيران 2020 «على مدى 9 سنوات تعرض الاقتصاد السوري لتدمير واسع وقد قدرت مؤسسات دولية ومحلية خسائر ذلك الاقتصاد بقيمة نصف ترليون دولار»، وذكرت دراسة أعدها «المركز السوري لبحوث الدراسات»، وهو مركز غير حكومي، أواخر أيار 2020 بأن «خسائر الاقتصاد السوري منذ بدء الحرب عام 2011 وحتى مطلع العام 2020 تقدر بنحو 530 مليار دولار أي ما يعادل 9.7 أضعاف الناتج المحلي للبلاد منذ عام 2010»! من هنا صدق الجنرال الروسي ليونيد افاشوف، رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية الروسية، عندما قال بتاريخ 5 حزيران 2020 بأن «الأميركيين والأطلسيين يحاولون تدمير الدولة السورية كما فعلوا في يوغوسلافيا والعراق وليبيا، ولكن في سوريا وبما أنهم عجزوا عسكرياً عن اسقاط نظامها لجأوا إلى الارهاب الاقتصادي لمواصلة عدوانهم».

وازاء رفض القيادة السورية مع «حزب الله» وحركة «حماس» لمندرجات صفقة القرن، بات جلّ ما يهم واشنطن هو إضعاف سوريا عبر تقسيمها، وقد أقر المركز الأميركي للشرق الأوسط «كارنيغي» بذلك عبر دراسة تحليلية له بتاريخ 5 حزيران 2020، حول تأثيرات قانون العقوبات الأميركية (قيصر) على النظام السوري، وقال في مطلع دراسته أن «القانون الذي سيدخل حيز التنفيذ قريباً سيقسم سوريا إلى منطقتين ليفاقم من عزلة الرئيس الأسد. المنطقة الأولى منطقة سيطرة النظام، والمنطقة الثانية هي المنطقة الشمالية والقسم الشمالي الشرقي الخاضع لسيطرة ميليشيا قسد». 

وقد صدّق على هذا الكلام المبعوث الاميركي لمناطق شمال وشرق سوريا ويليام روباك إذ بارك مشروع تقسيم سوريا عندما أكد بتاريخ 23 أيار 2020 بأن ما يتعلق بقانون العقوبات في اطار قانون قيصر سيستثني مناطق الادارة الذاتية الكردية، وكان روباك قد اجتمع وفقاً لوكالة «هاوار» الكردية مع الادارة الذاتية الديمقراطية عين العرب كوباني، وكان جوابه للادارة الكردية بأن ما يتعلق بقانون العقوبات في اطار قانون قيصر سيستثني مناطق الادارة الذاتية وسيكون هناك عمل وتنسيق مشترك في اطار برنامج الدعم الأميركي.

إن مشروع تقسيم سوريا هو مشروع يدغدغ مشاعر الأميركيين منذ زمن بعيد، لكن على الاقل سأعود سنتين إلى الوراء لأقول أنه في شهر آب 2017 أكد بوريس دولغوف العضو في مركز الدراسات العربية والاسلامية بالأكاديمية الروسية للعلوم، أن هدف واشنطن الرئيسي في سوريا هو الاطاحة برئيسها والقضاء على وحدة أراضيها وتقسيمها بمساعدة الجماعات المسلحة الكردية. 

ونقلت وكالة (تاس) الروسية أثناءها عن دولغوف قوله لقد اعتادوا على تنفيذ هذا المخطط على الجماعات الاسلامية المتطرفة، لكن عندما عجزوا عن تحقيق مرادهم بواسطتها بدأوا يدعمون القوات الكردية لاقامة دولة مستقلة لهم تمهيداً لتقسيم سوريا. 

أما بتاريخ 5 كانون الأول 2018 قالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن «الوجود غير القانوني للقوات الأميركية في سوريا يهدف إلى تقسيمها، وأن غاية أميركا عبر محاولة اللعب بالورقة الكردية يظهر سعيها نحو مشروع التقسيم»، فيما قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف في المؤتمر الدولي الذي نظمه نادي فالداي أواخر العام 2017 لواشنطن «حذار اللعب بالنار، فالدعوى موجهة إليكم بالتوقف عن اللعب بالورقة الكردية لأن من شأن ذلك تقويض وحدة الأراضي السورية، ونحن سنقف لكم بالمرصاد إن استمريتم بذلك».

ولا يختلف اثنان على أنه طالما بقي النظام السوري مسيطراً على مقاليد الحكم وطالما بقي حزب الله يحمل سلاح المقاومة في لبنان، فإن صفقة القرن لن يتسنى لها ابصار النور.

وهنا أعود إلى ما قاله الكاتب الاسرائيلي دوغل الفر في صحيفة (هآرتس) الصهيونية بتاريخ 24 شباط 2020، لن ترتاح الحركة اليهودية إلا إذا سيطرنا على الحرم القدسي بالتدريج وبدأ اليهود يصلون فيه ليقيموا في النهاية الهيكل وتقديم القربان.

وهذا الكلام يدل على الحاجة الاسرائيلية الماسة إلى صفقة القرن لايصالها إلى شاطئ أمانها. 

وبتاريخ 9 أيار 2019 قال الأكاديمي الاسرائيلي المعروف ايدي كوهين عبر حسابه على «تويتر»، إن «مصدراً اميركياً قال لي بالحرف الواحد عن صفقة القرن، بأن الرئيس دونالد ترامب لن يتساهل مع أي حاكم عربي يعرقل ولادة الصفقة، لأن شعاره هو إما أن تكون مع الصفقة أو تكون ضدها»، وأضاف كوهين إن «أي رئيس أو ملك عربي لا يؤيد هذه الصفقة سوف يكون عرشه في خطر». وتصريح كوهين هذا نشره حينها موقعا «فلسطين اليوم» و«الشبكة العربية» وعدة مواقع أخرى. وإزاء هذا الوضع المتشنج فإن مرحلة الكباش وشد الحبال ولعبة عد الأصابع بين محورين جبارين مرشحة إلى الاستمرار إلى أجل غير مسمى.