بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 حزيران 2020 11:06ص قصة رجل «نافذ» في قصر حافظ الأسد.. وصراع الأجنحة الذي يهدّد عرش الإبن!

حجم الخط
يدخل الى قصر حافظ الأسد بدون استئذان، يشارك الرئيس السابق لسوريا إفطاره، ولا ينتظره خارجًا، قد تكون الرواية الملخصة بالقصة القصيرة السابقة دليل قاطع على نفوذ ذاك الرجل، الذي "استهاب" الراوي أن يذكر اسمه، وفضّل ترميزه بـ «م.م».

في موسوعة «تاريخ العلويين في بلاد الشام من فجر الإسلام إلى تاريخنا المعاصر»، ركز صاحب الرواية أعلاه أميل عباس معروف، على أهم الشخصيات وأكثرها تأثيرا على العلويين، منذ فجر التاريخ، وفي أحد المجلدات، ترد رواية الشخص المجهول المرمز بـ "م.م"، وهو الجزء الذي يتناول فيه عشائر العلويين التي ينتمي معروف إلى إحداها، ثم مرحلة الانتداب الفرنسي على سوريا، وولادة ما يعرف بدولة العلويين، عشرينيات القرن الماضي، وصولا إلى مرحلة وصول حافظ الأسد إلى السلطة، بعد انقلاب عسكري.

«م.م» هذا، واسع النفوذ في قصر حافظ، كما بشار ابنه من بعده، ذلك أن الكتاب أُلِّف عام 2013، أي بعد قيام الثورة السورية بعامين، ورغم ما في الكتاب من جرأة وتوسع على جميع المستويات، خاصة منها التاريخية المتعلقة بتاريخ الطائفة العلوية، إلا أنه عند هذا الاسم، ينقبض قلمه، ويقول: «م.م». فقط.

هذه الشخصية واسعة الثراء، ويورد صاحب الرواية، أن من "عادة السيد م.م أن يهدي إلى كبار المسؤولين السوريين ولا سيما المتواجدين في لبنان، الهدايا الثمينة والسيارات الحديثة".

في إحدى الإفطارات، قال حافظ الأسد له: "شو جايب معك هدايا اليوم للشباب؟" ثم أكمل، في قصة توضح قوة ونفوذ وثراء تلك الشخصية على نظامه، فيقول لـ"م.م": شي مرة احسب حساب العميد بيطار، هذا الفقير مادياً مثلي! وهو العميد الذي كان يتناول الإفطار مع حافظ، لحظة دخول «م.م» عليهما.

«م.م» الغامض هذا، هو شقيق زوجة حافظ، وخال بشار الأسد، محمد مخلوف.

محمد مخلوف، والد رامي مخلوف، ورث ما تبقى من نفوذ داخل قناطر القصر، بعد وفاة شقيقته أنيسة زوجة حافظ الأسد، عام 2016. وعندما توفي حافظ عام 2000، تراجع محمد مخلوف إلى الخلف قليلاً، وبدأ نجم نجله الأكبر رامي يسطع بمجال الأعمال بدعم من عمته زوجة الأسد الأب.

بعدها أصبح بشار الأسد، عمليا، بدون سلطة عائلية تتوسط بينه وباقي أفراد أسرته، خاصة من بيت أخواله آل مخلوف، فبدأ بالتضييق على رامي، ابن محمد المرمز بـ«م.م» ورجل الأعمال المعاقب دوليا والغارق بالفساد المدرج على لوائح العقوبات الدولية منذ عام 2008.

محمد مخلوف، ثم ابنه رامي الرازح الآن تحت ضربات بشار الأسد بعد الخلاف الناشب بينهما، هما واجهتان ماليتان واقتصاديتان، كدّس من خلالهما آل الأسد ثروات طائلة، إلا أن هذه الأموال مسجلة باسم آل مخلوف الذين قاموا بتسجيلها بأسماء وهمية، إضافة إلى أسمائهم الحقيقية.

وهنا يكمن بيت القصيد، فكل من يسأل كيف يتجرأ رامي مخلوف على تهديد الأسد من داخل سوريا، ضمن لعبة صراع الأجنحة الداخلية، بات يعلم أن الأسد لا يستطيع أن «يزأر» بوجه آل مخلوف، كما يفعل مع باقي طبقات المجتمع السوري.

مخلوف ومنذ ظهوره إعلامياً في نيسان الماضي، سعى إلى استمالة الطائفة العلوية، محاولاً تقديم نفسه بصفته صوت الساحل السوري، خصوصًا الفقراء والمحتاجين والجرحى والموالين للأسد نفسه.

يهدّد مخلوف أيضًا بوأد الإقتصاد السوري، الذي يعاني الأمرّين حاليًا، والتي تنذر وضعيته اليوم بشرارة ثورة شعبية متجددة، بدأت ملامحها تظهر في السويداء مؤخرًا. 

ويستند مخلوف أيضًا على خوف الأسد من المساس به فتتأثر شعبيته لدى الموالين.

هذه القصة قد تكون حجر أساس في عملية التغيير المنتظر في سوريا، فهذه «النيران الصديقة» قد تكون أشد لهيبًا من نيران الحرب المستعرة منذ 9 أعوام، تضاف الى ضربات متتالية يتحضر النظام لتلقيها، تبدأ تداعياتها مع تنفيذ قانون «قيصر»، وقد تشارف على الانتهاء مع مشهد الإنتخابات الرئاسية المقبلة في 2021.

(اللواء)