بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 شباط 2021 12:02ص قلب رأس النبع النابض

حجم الخط
خسرت بيروت إبناً بارّاً  سرعان ما أنهى دراسة الطب في سويسرا حتى عاد إليها يبلسم جراحها ويسندها في أشد أيام الحرب سواداً. 

خسرت رأس النبع قلبها النابض، الذي أبقى باب عيادته مشرّعاً للفقير قبل الغني، وشبّاكه مفتوحاً يوزّع ابتسامته المطمئنة لكل مَنْ يطرق عليه، وبقي يطبّب أهلها في رأس بيروت  بعدما تهجّر مع سكانها من منطقتهم التي تحوّلت إلى خطوط تماس خلال سنوات الاقتتال البشعة..

خسر الطب في لبنان عَلَمَاً من أعلامه، كان يشخّص أصعب السرطان وأكثر الأمراض تعقيداً بلمسة يده وسمّاعته ونظرته الثاقبة..

والأهم، خسرت الإنسانية خادمها الأمين، الذي لم يغره يوماً، مال أو منصب، فكانت عيادته أشبه بالمستوصف المجاني لطبابة المحتاجين، وتأمين ما تيسّر من علاج.  لم يكن يحدّد تسعيرة يوماً، فلم يكن الربح المادي هو الهدف، بل يكتفي بدعاء صادق ليستريح على كرسيه، ويرسم ابتسامته العريضة. 

نعم خسرت الإنسانية طبيباً في زمن أصبح الطبيب تاجراً والمريض زبوناً، أصبح مشهد اللبناني  يموت يومياً على أبواب المستشفيات يُعلّق عليه على أنّه «ما عّم بتوفّي مع المستشفى».

أخيراً وليس آخراً، خسرت عائلتي صديق العمر وطبيب الصغير والكبير والشريك في  النضال بوجه الظلم الذي عاشه أهل رأس النبع تحديداً... 

د. عبد الكريم العلايلي إلى جنّات الخلد بصحيفة مًثقلة بصالح الأعمال ودعاء محبّيك، وما أكثرهم.