بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 نيسان 2018 12:02ص «كرنفال الإنتخابات»!

حجم الخط
 ندرك جيداً أنّ للإنتخابات النيابية عدّتها ووسائلها وأدواتها وحاشيتها، لكن من المُعيب أنْ يصل الأمر إلى الاستخفاف بعقول الناس (الواعين منهم على الأقل)! فإنّ مجرد الاطلاع على معظم أسماء اللوائح الإنتخابية أو قراءة بياناتها ووعودها، إضافة إلى الشعارات المُستخدمة في اللوحات الإعلانية، يجعلك تشعر بأنّك تزور بلداً آخر (بل كوكباً آخر)، إذ تسودها جميعها لغة السيادة والتنمية والإصلاح والتغيير والنزاهة والعفة والإزدهار والتوافق!
أما التغطية الصحفية المواكبة لـ»الفولوكلور» الإنتخابي فحدِّث ولا حرج، هنا نرى صورة مرشّح يحتضن «ببهجة ومحبة» النساء والأطفال، وهذا يزور المقاهي والمطاعم الشعبية و»يتلذّذ ويتغزّل» بالمآكل الشعبية، وذاك «يتشبث» بتمثال العذراء ويجوب ردهة الكنيسة جيئة وذهاباً، وآخر يختار «بعناية» مسجداً ومصلّى لكل صلاة من الصلوات الخمس ويحشو خطبه وتصريحاته بما تيسّر من الآيات والأحاديث النبويّة! 
ويزيد الطين بلّة تلك الأغاني والأناشيد والأهازيج المُستحدثة لهذه المناسبة «المجيدة»!، أضف إلى ذلك كله عدّة «التي- شيرت» و»الكاب» ومختلف أنواع اللافتات والمُلصقات والأزرار.
وطبعاً لا ننسى الإطلالات التلفزيونية والإذاعية، والجولات والمهرجانات واللقاءات الشعبية «العفوية» وما يرافقها من صور «السلفي» وأخواتها... وما يرافق الجولات من إطلاق الرصاص والمفرقعات والزغاريد والطبل والزمر والذبائح! وفيها نسمع من الخطاب السياسي ما ينطبق عليه المثل القائل «سلاحُ اللئام قبحُ الكلام».
و»زاد في الطنبور نغماً» وسائل التهاوش الإجتماعي )المسمّاة زوراً التواصل(، حيث يتدنّى مستوى الكلام إلى الدرك الأسفل، ويخرج عن الأخلاق واللياقات والعادات والتقاليد والأعراف، ويتخطّى في التحريض والإدانة والشتائم جميع الخطوط الحمراء، ويلطّخ ويلوّث نقاء «السموات الزرقاء».
كما لاننسى ما يحدث من تعدّيات بالصور واللافتات والكتابات على الجدران والأملاك الخاصة والعامة على حدّ سواء وما تسبّبه من تلوّث بصري عشوائي استفزازي، لا جماليّة فيه ولا ذًوق ولا مضمون.
سوف يتم إخضاعنا لفترة مريرة من الحملات الإنتخابية، وهو عقاب جماعي وتعذيب يسود فيه منطق أنّ «لا صوت يعلو فوق صوت المسخرة الإنتخابية»، وهذه الجعجعة ستلفظ (والحمد لله) أنفاسها في النهاية في عيد الشهداء في 6 أيار، على أنْ تبدأ بعدها جولة جديدة من المُهاترات والمُحاصصات والسجالات السياسية وحسابات الانتصارات والمقاعد الوزارية السياديّة، ومع ذلك فإنّ الجروح التي ستخلّفها انتخابات 2018 لا يبدو أن بعض مُسببيها يُدركون مدى بشاعة آثارها على البشر والحجر.