بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تشرين الأول 2017 12:05ص كعكة التأجيل

حجم الخط
ليست المرة الأولى التي يؤكّد أو يُشدّد فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها ويرفض تأجيلها، بل ذهب أبعد من ذلك، ودعا الى تقريب موعد اجرائها ووعد بأن تتقدّم كتلته النيابية إلى مجلس النواب باقتراح قانون بتقديم الموعد حتى قبل بدء مناقشات إقرار الموازنة العامة للعام 2017، الا أن كل هذه التأكيدات من رئيس السلطة التشريعية لم تقترن حتى الآن بأي عمل جدي من الحكومة يثبت صحة هذه التأكيدات ويعزّزها ما عدا قرارها الأخير بتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات وسط استمرار الجدل العقيم حول العمل بالبطاقة الممغنطة أو البطاقة البيومترية أو بين التسجيل المسبق للناخبين أو عدمه، ما جعل الفريق الأكبر من اللبنانيين لا يأخذ كل هذه التأكيدات على محمل الجد، ويعود إلى تذكر أحد كبار السياسيين اللبنانيين الذي كان يقول: إذا أردت أن تعرف الحقيقة فما عليك سوى أن تقرأ ما يصرّح به المسؤولون بالشكل المقلوب، ليستخلص منها أن كل الذين يصرحون أو يؤكدون على ان الانتخابات النيابية ستجري أو يجب أن تجري في موعدها هم قلبهم على الانتخابات وعينهم على التأجيل، وكل المؤشرات القائمة وتصرفات هؤلاء المسؤولين ومعهم جميع النواب، من دون استثناء أحد منهم، يعلنون على أساس ان الانتخابات يجب أن تجري في موعدها ويتصرفون في المقابل علی أساس ان التأجيل الرابع للمجلس الحالي لا بدّ آت، أما الوسيلة أو الذرائع، فلا يجدون أي عبء أو مشكلة في اجتراحها وتوظيفها ايجابياً لمصلحة التأجيل أو التمديد الرابع.
ولو ابتعدنا قليلاً عن النظريات ودخلنا في الوقائع الملموسة، لوجدنا انها كلها تؤكد على ان كل هذه القوى قلقة على نفسها من النتائج التي ستسفر عنها الانتخابات في حال جرت على أساس القانون الجديد علماً بأنها بدأت تجاهر منذ الآن بأن هذا القانون لا يعطي أي حظوظ للتحالفات الكبرى أو الصغرى، فضلاً عن انه يلغي المحادل والبوسطات التي كانت عناوين الانتخابات وفق القانون الأكثري، ما يجعل النتائج غير محسومة لأي طرف، ولا سيما للأطراف التي كانت تعتدّ بقوتها وتفرض اللوائح الانتخابية وفق خياراتها وبما يؤمن لها الفوز الساحق في الانتخابات، الأمر الذي انتهى بالبلد الى تدمير النظام الديمقراطي البرلماني، وإلى قيام طبقة سياسية متسلطة على إرادة الناخبين ولا تعير أي اعتبار لهذه الإرادة في تعديل أو في تغيير موازين القوى على الأرض، وقد استغلت هذه الطبقة هذا الأمر ووطدت اقدامها في السلطة وراحت تعبث بكل أمر، صغيراً أو كبيراً، إلى أن وصلت الدولة إلى وضعها الحالي الميؤوس منه قياساً على غيرها من الدول، كما تجمع كل تقارير البنك الدولي وغيره من المؤسسات الرقابية الدولية.
فالرئيس برّي الواثق من وضعه الانتخابي بحكم التحالف الدائم مع حزب الله القابض على الرأي العام الشيعي قد يكون كلامه صادراً عن رغبة صادقة في عدم تأجيل الانتخابات النيابية، ولكن ما باله إذا كان شركاؤه في القبض على السلطة في وضع لا يجعلهم واثقين من أن يعودوا كما هم في ظل المجلس الحالي وبنفس القوة والسطوة.