بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تشرين الثاني 2019 12:00ص كفى مكابَرة

حجم الخط
كفى مكابرة، وكفى رهاناً على التوقيت، اعتقاداً منهم بأن هذا الشعب الثائر على هذه المنظومة سوف يتعب ويستكين، فها هو بعد قرابة الأربعة أسابيع يزداد رسوخاً، ويزداد اصراراً على مطالبته بإسقاط هذه المنظومة التي عاثت في الأرض فسادها، وافسادها من دون أي اعتبار له ولمصيره.

كفى أيها المتربعون على عرش السلطة منذ سنوات وسنوات، تنهبون مال الشعب، وتترفهون على حساب لقمة عيشه، ومستقبله، ومستقبل أجياله، كفى ترفاً، وتلاعباً، وتهرباً من الواقع، وصم آذان عن سماع صوت هذا الشعب،  الذي يملأ الساحات، يدعوكم إلى الرحيل لانتاج سلطة، تشعر معه، وتكون في خدمته، وليس في خدمة مصالحها ومصالح ازلامها، ومحاسبيها، وما أكثرهم.

لقد حان الوقت لكي تستمعوا إلى صوت الشعب وتخرجوا كلكم يعني كلكم من السلطة، بدلاً من هذا العناد الذي أنتم غارقون فيه، وبدلاً من هذه المكابرة ومحاولة الالتفاف على هذا الشعب أحياناً والذهاب إلى ترهيبه باللجوء بإحياء مقولة الشارع والشارع المضاد.

نعم، لقد حان الوقت  لترحلوا غير مأسوف عليكم، أفلستم أنتم المسؤولون عن هذا الوضع المتردي الذي وصلت إليه البلاد، نتيجة تمسكهم بالسلطة واستغلالهم لها لكي تُثروا على حساب هذا الشعب  الذي طالما منحكم الفرصة تلو الأخرى، لعلكم تخرجون من غلوائكم، وجنونكم اللامحدود، وتلتفون إليه تسألونه ولو لمرة واحدة لماذا يئن ولماذا يرفع صوته، راجياً أحياناً ومحذراً أحياناً أخرى من النتائج المدمرة التي تسببهما أعمالم وتصرفاتكم المجنونة التي لا تصب الا في خدمة مصالحكم الخاصة، ولا تمت إلى مصالحه بأية صلة لا من بعيد ولا من قريب، بقدر ما هي متعمدة لمزيد من إفقاره وتجويعه وتشريده في سابع أرباع هذا العالم، الذي يحترم الإنسان ويحفظ كرامته، ويحافظ على كل حقوقه الإنسانية والاجتماعية  والاخلاقية.

ما ظهر منكم بعد مرور عشرين يوماً على الثورة، أنكم لم تعتبروا مما حصل، لم تفكروا بما سوف يحصل، في قابل الأيام، ليس لأنهم لا يعيشون خارج التاريخ، بل لأنهم يرفضون التخلي عن امتيازاتهم، ومكاسبهم التي وفرها لهم هذا النظام الفاسد. الذي يمسكون به، منذ ثلاثين عاماً حتى الآن، والأنكى من ذلك هو الاعتقاد الذي لا يزال راسخاً في نفوسهم المريضة، من أنهم لايزالون قادرين على لجم هذا الشعب، وعلى تدجينه من خلال تحريك الشعور الطائفي أو المذهبي وحتى الحزبي، وما الحشد الذي شهده قصر بعبدا عفواً قصر الشعب من محازبي التيار الوطني الحر لمؤسِّسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وشعارات  التأييد له ولعهده التي رفعها هؤلاء سوى  الدليل القاطع على أنهم لا يزالون يعتقدون بأنهم  قادرون على إسكات  صوت الشعب  الثائر في كل  ساحات الوطن بما يملكونه من وسائل ترهيب، ومن فائض قوة، وذلك بدلاً من أن ينزل سيّد العهد إلى صفوف هذا الشعب كما عوَّدهم في السابق أو ينحني أمام إرادته الجامعة والموحدة التي أدهشت العالم كلّه من أقصاه إلى أقصاه.