بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 كانون الأول 2017 12:00ص كلام بكلام

حجم الخط
يُراهن البعض على أن الجلسة المقترحة لمجلس الوزراء يوم الخميس المقبل، ستطوي صفحة استقالة الرئيس سعد الحريري على خلفية التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية، وخروج حزب الله عن سياسة النأي بالنفس بانخراطه في صراعات المنطقة، لتفتح صفحة جديدة تعيد الاعتبار للتسوية التي انتجت انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية واختيار زعيم تيار المستقبل رئيساً لحكومة وحدة وطنية يكون من مهامها الأساسية إعادة انتظام المؤسسات الدستورية وتحسين علاقاتها مع الدول العربية، كما نص عليه خطاب القسم والبيان الوزاري الذي نالت على أساسه حكومة الوحدة الوطنية الثقة، وفتحت ورشة العمل التشريعي والمؤسساتي. لكن يبدو استناداً إلى المعطيات التي استجدّت بعد المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية وشملت كل القيادات الحزبية والكتل النيابية، ان الرهان على طيّ صفحة أزمة الاستقالة تراجع إلى حدود بعيدة، وان الأزمة الوطنية التي نشأت عن الاستقالة، مستمرة، بأشكال مختلفة رغم حرص رئيس الحكومة المستقيل والمتريث في تقديم استقالته على تجاوزها صوناً للاستقرار والسلم الأهلي، وحرصاً منه على وحدة الصف الداخلي التي تشكّل العامود الفقري للجسم اللبناني المصاب بعدة أمراض تكاد تكون مستعصية.
فقبل مغادرته إلى باريس، سئل الرئيس الحريري عما إذا كانت استقالته قد طويت نهائياً، وان الأمور في البلاد عادت إلى ما كانت عليه قبل الاستقالة، وكان جوابه نعم، إذا استمرت الأمور على نفس المسار الذي شهدته الأسابيع القليلة الماضية، وهو بطبيعة الحال يقصد بذلك الالتزام العملي والفعلي لحزب الله، بالرجوع عن انخراطه العسكري في الدول العربية وتحييد نفسه عن صراعاتها، أي تطبيق سياسة النأي بالنفس.
وكان اللافت في هذا الصدد ما جاء على لسان رئيس الجمهورية إلى إحدى الصحف الإيطالية من أن انسحاب حزب الله من سوريا مرهون بإنهاء الحرب على الإرهاب.
هذا الكلام لرئيس الجمهورية عن انسحاب حزب الله من سوريا ودول عربية أخرى يُسقط كل الإيجابيات التي بنى عليها رئيس الحكومة للرجوع عن استقالته وإعادة ضبط الايقاع لسياسة الدولة اللبنانية تجاه الدول العربية، وأكثر من ذلك يعيد عقارب الساعة إلى اللحظة التي فرضت على الرئيس الحريري تقديم استقالته من الحكومة، ومن ثم تبريره لهذه الاستقالة من أن هدفها إحداث صدمة ايجابية عند اللبنانيين كافة، تحمل قياداتهم إلى إعادة النظر في سلوكهم وسياساتهم المهدمة للوطن. وإذا ما أضيف إليه الكلام الكثير الذي تسرّب إلى وسائل الإعلام من موظفين عند حزب الله عن السيناريو المقترح من الحزب للخروج من الأزمة الوطنية الراهنة، لا يبقى هناك أي شك في أن الحزب مستعد لتغيير نهجه في التعاطي مع أزمات المنطقة، لا من قريب ولا من بعيد، وأن جل ما يُمكن ان يقبل به هو صدور بيان رئاسي أو عن مجلس الوزراء بالتأكيد على التزام لبنان سياسة النأي بالنفس، فهل يكتفي الرئيس الحريري بهذا البيان؟ هذا هو السؤال.