دعني أولاً أهنئك دولة الرئيس على تكليفك بتشكيل الحكومة العتيدة، ففي هذا التكليف ثقة إليك من زملائك أعضاء المجلس النيابي على ما تتحلى به من صدق وصبر وكفاءة ومقدرة. فهنيئاً لك مزاياك هذه وما تتحمله من جهد وتعب للقيام بمسؤولياتك على أكمل وجه.
واسمح لي بعد ذلك ان اصارحك انه من السهل تناول حكومتك بالنقد ذلك لأن اعضاءها لا ينتمون معظمهم إلى أحزاب أو حركات سياسية منسجمة، وإنما هم مستقلون، البعض منهم يوالي الحكومة والبعض الآخر يعارضها حتى إذا ما استقلت وأوتي بالمعارضة تحوّل الموالون إلى معارضين، بكل بساطة، بعيداً عن كل منطق إلاً، وأقولها بصراحة، منطق المصلحة الخاصة الأنانية.
غداً ستذهب إلى مجلس النواب وتدلي ببيانك عن الحكومة تضمنه منهاجك السياسي وتطلب على أساس ثقته، كما سبق للحكومات من قبلك ان فعلت.
وأطمئنك منذ الآن انك ستنال تلك الثقة وتلتفت إلى العمل على تنفيذ ذلك المنهاج. ان تنجح بالقيام به أولاً فهذا منوط بالظرف المتغير المحيط بك، داخلياً وخارجياً، كما يتوقف على قدرات وزرائك وتجاربهم في حياتهم السياسية ونجاحهم في مهامهم.
على أي حال، فأنا واثق بأنك ستنال الثقة، ثقة المجلس وثقة الرأي العام. لقد حمّلك القدر إلى الحكم ويبدو انك ستبقى فيه، وهذا الشعور العام يعطيك قوة باختيار أعضاء حكومتك من الصالحين المقتدرين بموافقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تأكدت حكمته ونزاهته في الحكم وشأن العام.
ونصيحتي لك كأخ يكن لك كل المحبة والمودة والتقدير والاحترام ان لا تتصرف إلا بما يوحيه عليك ضميرك. انك لست من الأشخاص الذين يتأثرون بأي ضغط من أي نوع كان.
إن البلد يمرُّ في ظرف صعب ولا سيما على الصعيد الاقتصادي ولا غير أبناءه من يستطيع انقاذه بعيداً عن «الأنا» البغيضة. فالروافد الإقليمية والدولية قد قلّت بكثير وأصبح شد الحزام من ضرورات الحياة، كما لم يعد من المسموح ان يبقى هدر المال العام مستمرً والفساد يفعل فعله دون حسيب أو رقيب.
ان مكافحة الفساد بالكلام لا تجدي على الإطلاق ومن الضروري جداً كشفه عن بعضهم ممن يثبت عليه.
دولة الرئيس،
عذراً لك مني على مصارحتك على النحو الذي سبق ذلك لأني ضنين عليك وعلى مصلحتك ولا أريد لك الا التوفيق والنجاح في ما تعمل أو تفكر بعمله، فأنت شهم وخلوق حفظك الله ورعاك.
* نائب ووزير سابق.
صصص