بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 تموز 2020 08:25ص لا تسوية ولا تفاهم ولا صفقة بل إتفاق على تفعيل عمل الحكومة

سانحة غضب الشارع وتردي الخدمات العامة أعادا تحريك المياه الراكدة

حجم الخط
أعاد الضخ الإعلامي والسياسي في الساعات الأخيرة تحريك المياه الحكومة الراكدة. فالحراك السياسي الذي ضاق به يوم الخميس من اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الى ما أعلنه نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي إثر إجتماعه بالرئيس سعد الحريري، معطوفا على تصريحات الأخير من بيت الوسط، الى جانب النشاط الديبلوماسي العربي – الغربي الباحث عن فجوة أو كوة في جدار الازمة، أتاح إثارة مسألة إحتمال وجود تسوية تطبخ في الكواليس بين حاضني حكومة حسان دياب ومعارضيها، ترمي الى إعادة الحريري الى السرايا من باب الأزمة الاقتصادية والمعيشية الضاغطة ووجع الناس المترجم في فورات الغضب في الشارع.

حقيقة الأمر إن كل هذا الحراك السياسي والإعلامي حرّك فعلا المياه الحكومية الراكدة وأعاد هذا الشأن الى واجهة الاهتمام والحدث، إنما من وجهتين متعارضتين، تختلفان في الرؤية والهدف:

أ-فالفريق الراغب في عودة الحريري، وقوامه قوى شريكة تتوزّع بين الموالاة والمعارضة على حد سواء، وهي أعلنت عن نفسها بوضوح، وجد سانحة في الغضب الشعبي نتيجة الفلتان في دولار السوق السوداء وتردي الخدمات العامة من تراجع في التغذية بالتيار الكهربائي الى أزمة المازوت والحال التعيسة التي وصل اليها قطاع الاتصالات، في موازاة بطء العمل الحكومي وإنعدامه في أحيان كثيرة. لذلك كان لا بد من توظيف المأساة اللبنانية في إعادة إحياء خيار التغيير الحكومي، سواء من باب عودة الحريري او من يسمّيه. ولا شك أن هذا التوجّه حصد إهتماما بالغا سياسيا وشعبيا وديبلوماسيا، وهو إنعكس في الساعات الأخيرة حديثا عن تغيير حكومي وشيك يُعدّ إنقلابا جذريا على المنظومة التي أتت بحكومة دياب ومن ثم قدّمت لها الرعاية والاحتضان.

لقاء عين التينة تناول مروحة واسعة من النقاط من دور سلامة إلى الإصلاحات المستعجلة

ب-أما الفريق الحاضن للحكومة فوجد نفسه وسط الفوضى العارمة التي خلفها الكلام على التغيير الحكومي، منشغلا في نفي وجود صفقة أو بحث في تسوية تعيد الحريري الى السرايا. وتبيّن أن اللقاء بين بري وباسيل خلص الى أهمية تثبيت حكومة دياب، في موازاة الاتفاق على تزخيم عملها في الفترة المقبلة، من خلال مجموعة من الإجراءات والقوانين الرامية الى مكافحة الفساد، يؤمل أن تلتزم تنفيذها وتطبيقها القوى السياسية الحاضنة للحكومة. وتبيّن للمتابعين أن اجتماع عين التينة تناول مروحة واسعة من المسائل تم بحثها على مدى أكثر من ساعة ونصف ساعة، وإنتهى بالاتفاق على مجموعة خطوات أبرزها قيام مصرف لبنان بما عليه لضبط تفلت سعر صرف الدولار الأميركي باعتباره شرطا أساسيا لمنع حصول أي اضطراب اجتماعي، الى جانب حضّ الحكومة على القيام بالإصلاحات المطلوبة والتعاون بينها و بين مجلس النواب حيث يلزم باعتبار ذلك حاجة لبنانية. وتم في هذا السياق التفاهم على عدد من الإجراءات المطلوبة‏، في موازاة اعتبار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي خياراً أساسياً وقيام الحكومة ومجلس النواب كل في نطاقه بما يستطيع لتأمين الحصول على برنامج من الصندوق لا يتعارض بأي من شروطه مع سيادة لبنان ومصلحته.

وكان تردد أن الاجتماع الأخير بين الوفد اللبناني وممثلي الصندوق إنتهى الى تعليق أي لقاءات جديدة في إنتظار أن تتوحد الأرقام وأن تعتمد الحكومة على مقاربة موحدة لتلك الأرقام ولسبل حل الأزمة، مع الإدراك التام بأن تلك المفاوضات هي الأمل الأخير للبنانيين.

وعُلم أن أي بحث حكومي على مستوى الفريق الحاضن للحكومة لن يستوي ما لم تتبلور رؤية متكاملة، قبل بدء أي نقاش في مصيرها، وهو الأمر غير المتوفر في الظرف القائم والمنظور. كما ثمة قناعة بأن الاتفاق على أي إسم لرئاستها هو جزء من كل، وليس الغاية أو المُنتهى، بمعنى أن أي تفاهم رهن التوافق على سلة متكاملة، وليس بالتأكيد نتاج تسوية يعمل راهنا قوى شريكة من الموالاة والمعارضة على تسويقها من غير أن تؤتي ثمارها.

وتبيّن للمعنيين أن الظرف الراهن غير مؤات للمباشرة في أي بحث مماثل، لذا كان الاتفاق على وضع البحث الحكومي جانبا، والانصراف بدلا من أي بحث غير مجد وغير ناضج الى تفعيل العمل الحكومي وإخراجه من المراوحة التي تطغى راهنا، بحيث تتأهل الحكومة لتصبح على قدر خطورة المرحلة وتتموضع حيثما يجب ويُفترض أن تكون، على أن يترجم كل ذلك في إنتاجية غير مسبوقة تتخطى المخاوف والتحفظات وحال الشلل والتردد في بعض الوزراء والذي يجعل وزاراتهم في حال من التآكل، كما الحال في عدد من الملفات الحياتية التي تشهد تراجعا غير مسبوق يؤذي الخزينة وينهك اللبنانيين على حد سواء.