بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تشرين الأول 2019 06:00ص لا يا فخامة الرئيس

حجم الخط
بعد ثمانية أيام من انطلاق ثورة الجياع التي ملأت الساحات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن الساحل حتى أعلى الجبل، خرج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى الصامدين في ثورتهم السلمية بكلمة متلفزة أكد فيها ان الطائفية هي أساس المشكلة في لبنان وانه يسعى لإقامة دولة مدنية، مشيراً الى ان إسقاط النظام لا يحصل في الشارع، بل من خلال الدستور. الرئيس عون أشاد في كلمته بالشعب اللبناني الحي، القادر على ان ينتفض ويغير و«يوصل صوتو»، إلا أنه وبعد هذه المقدمة استطرد مطولاً في الدفاع عن نفسه كرئيس للجمهورية أقسم والتزم يمين الحفاظ على لبنان كما الفساد بشراسة كما قال لنقل لبنان إلى ضفة الأمان والاستقرار والتخلص من الذهنية الطائفية التي حكمت البلد منذ أن انوجد والتي هي الأساس وراء كل مشاكله، كما عبر عن طموحه الدائم بأن يرى لبنان دولة مدنية يتساوى فيها المواطنون أمام القانون ويصل كل صاحب كفاءة الى الموقع الذي يستحقه، لكنه استدرك ما قاله ليعزو التخلف عن تحقيق هذه الأهداف التي يريدها إلى النظام الذي قلص صلاحيات رئيس الجمهورية وجعله بحاجة لتعاون كل الأطراف بالحكومة ومجلس النواب ليحقق خطط العمل والإصلاح والإنقاذ ويوفي بالوعود التي قطعها للبنانيين بخطاب القسم. لكن نقطة الضوء الوحيدة في ذلك الخطاب المسجل هي طرحه إعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي، وطبعاً من خلال الأصول الدستورية.

لا يا فخامة الرئيس لم توفق في محاولة تبرير تقصير عهدكم في الاستجابة لأصوات اللبنانيين، ولا في محاولة إلقاء التبعية على النظام الذي قلص صلاحيات رئيس الجمهورية وانت تعلم أنك رأس الدولة ويملك حزبك وحلفاؤك الأكثرية داخل السلطتين الاجرائية والتشريعية وهي أكثرية تخولك تحقيق الأمنيات التي تحدثت عنها في خطابك المسجل لا المباشر، إلى الشعب اللبناني. وبالتالي فإن كل التبريرات التي قدمتها لا تغفر لك تقصيرك تجاه اللبنانيين حيال ما وصلت الحالة إليه اليوم، واجبر هذا الشعب على الخروج عن صمته والنزول إلى كل الساحات داعياً إلى إسقاط كل الطبقة السياسية بدءاً من رأس الهرم نزولاً إلى الحكومة وانتهاء بالسلطة الاشتراعية الممثلة بالنواب.

لا يا فخامة الرئيس لم تكن موفقاً بتوجهك إلى الشعب الذي ملأ الساحات طالباً منه الاقتناع بمثل هذه التبريرات التي تناقض الواقع المعاش منذ توليك رئاسة الجمهورية، وإدارتك دفة الحكم في البلاد على مدى أكثر من ثلاث سنوات على رأس حكومة أنت اخترتها واسميتها حكومة العهد الأولى. ثم لا والف لا يا فخامة الرئيس، يُمكن للحاكم ان يتصارح مع شعبه بعد ان يرتكب الأخطاء بحقه، كان الأجدر بك، بدلاً من تبرير التقصير الفادح والفاضح ان تستجيب لمطالبه المحقة ولا تخذله كما فعلت في رسالتك التي وجهتها إليه.

لا وألف لا، يا فخامة الرئيس، لم تكن مقنعاً في محاولة إقناع الشعب بحسن ادائك، وقد لمست ذلك بعدما استمعت إلى ردوده الغاضبة على رسالتك تلك وانها لم تكن على المستوى المطلوب، بقدر ما شكلت خيبة أمل عبّر عنها بطريقته الحضارية التي ادهشت العالم.

اما عن دعوتك لإعادة النظر في الواقع الحكومي من خلال الأصول الدستورية المعمول بها، فلا أجد من جهابذة القانون الدستوري، ولا أحد من مالئي الساحات فهم حقيقة ماذا تقصد بذلك، هل تقصد إخراج السلطة الحاكمة، أم المماطلة والتسويف؟