بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 أيلول 2020 10:34ص لبنان «الحلقة الأضعف» في محور «الصمود».. صدق جبران

حجم الخط
«ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين، ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر».

لو كان جبران خليل جبران حاضرًا معنا اليوم لاختصر وضع لبنان بكلماته أعلاه، نحن أمة الطوائف، ومملكة الطائفية التي لا تنسج ولا تزرع ولا تعصر بالمعنى الأوسع لأبيات جبران، فقط نجيّش عبر حكام الطوائف الذين يصفّون الكلمات للتبرؤ من أفعال فاسدة والتباهي بأفعال قاتلة أخرى بإظهارها على أنها بطولة.

من بين البلاد التي تواجه «الكون»، لبنان الحلقة الأضعف، لبنان ليس تركيا ولا ايران ولا الخليج ولا حتى فنزويلا والعراق، ربما يتنافس مع سوريا على مركز «قمة جهنم».

تأتي الأخبار من تركيا بتسجيل ليرتها أدنى مستوياتها أمام الدولار، إلا أنها تجنبت الويل عبر «زرعها وعصيرها ونسيجها»، فلا ترتفع الأسعار مع ارتفاع الدولار، ولا يهدّد أمن شعبها الغذائي والصحي كما يهدد شعب لبنان يوميًا.

ايران، يتغنى السيد حسن نصرالله بقدرتها على الصمود لأربعين عامًا بوجه الضغوط والحصار والعقوبات، نعم ايران صمدت وستصمد، لكن سلاحها مواردها التي لا نملك منها شيئًا، يفرح أتباعها باكتشافها لآبار نفط جديدة، ونتجاهل اخفاقنا باستخراج قطرة من بحرنا.

الخليج خارج معادلة المقارنة، إلا أنه يستوقفني مشهد يحصل في المملكة العربية السعودية، هناك إذا أعطيت التاجر «دولارات» يطلب منك أن تصرفها وتدفع له بالريال، لا تلاعب ولا أسواق سوداء، العملة الخضراء تقبع فقط في البنك المركزي لحاجات الدولة من العملة الأجنبية، أما الشعب فلا يلجأ الا لعملته، ولا يوضع أمام خيارين، حاله كحال كثير من شعوب الدول.

المشاهد التي تستوقفني أيضًا، مواطنون فنزويليون يعودون لاستخدام الدواب بالتنقل، وفنزويلا من أكثر البلاد امتلاكًا لاحتياطي النفط في العالم، العراق ينازع لعدم الوصول الى هذه المرحلة كونه بلد غني بالموارد أيضًا، مع «رشة» ميليشيات وفصائل مسلحة.

من طرائف ما قرأت أن في سوريا، توقفت سيارة الرئيس بشار الأسد قبل وصوله بـ 10 أمتار، لنفاذها من البنزين، واليوم استفاق لبنان على خبر مفاده أن «المازوت مفقود والبنزين متوفرّ بكميات قليلة».

مع اقتراب رفع الدعم عن مواد أساسية منها الطحين والدواء والمحروقات، ما زال البعض يُطعم الشعب أوهامًا وشعرًا عن الكرامة والصمود بوجه الاستكبار والظلم، عظيم جدًا.. ولكن ما مقومات صمودنا؟ ما مواردنا؟ هل نزرع دواء على الشرفات؟ أو نحفر بحثًا عن «البنزين»؟

لا ندعو للاستسلام، بل ندعو للمقاومة بغير لحمنا الحي، وبحلول لا تُضحك من شر البلية، التناحر والمكابرة مستمرة على المنابر، إلا أن واقع ما ينتظرنا الويل الويل..