بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 تشرين الأول 2022 08:07ص « لبنان الذي نريد» تطلعات للمجتمع

حجم الخط
ان الظروف الصعبة التي تمرُّ بها المنطقة بوجه عام ولبنان بوجه خاص تفرض علينا تحديث النهج والآلية بما يتلاءم ومتطلبات المرحلة الراهنة، والحاجة أصبحت ملحّة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، الى توحيد الرؤية ووضع الطاقات والإمكانات وبذل أقصى الجهود لبلوغ الإصلاحات المنشودة والأهداف الوطنية التي هي بغية المواطنين، جميع المواطنين.
وفي هذا الوقت الذي كثر الكلام فيه عن الاستحقاق الرئاسي والعهد المقبل، نرى انه لم يعد بإمكان أحد أن يمارس السلطة في لبنان بدون رؤية وخطة ومعرفة. والثقافات السياسية المتبعة حتى الآن لـم تـعـد جـديـرة بالمطلق بمعالجة المشكلات القائمة وقيادة البلاد نحو مستقبل آمن، وتأمين الـتـرقّـي والنهضة الحضارية المنشودة للالتحاق بالأوطان المتقدمة في عصر لم يعد فيه مكان للأوطان المتخلفة. لذلك نعلن مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية ما يلي:
يكتسب لبنان معنى وجوده من خصوصية تكوينه المجتمعي، فلبنان رسالة حضارية قبل أن يكون وطنا ودولة، ولا قيمة للدولة اللبنانية إلا بقدر ما تحتضن هذه الرسالة وترعاها.
لقد تعرضت البلاد الى نكسة كبيرة نتيجة ضعف السلطة في إدارة شؤونها وتحصينها، وبفعل الصراعات الاقليمية والدولية التي وجدت في لبنان متنفسا لها، غير ان الحرب، رغم شراستها وامتدادها سنوات طويلة، لم تتمكن من القضاء على كينونة لبنان المتجذرة في عمق رسالته الحضارية، وان كادت تقضي على امكانات لبنان الاقتصادية وتشوّه صورته الحضارية والسياسية، فخرج اللبنانيون من الحرب أكثر اقتناعا وتمسّكاً بعيشهم المشترك لأنهم وجدوا فيه خشبة الخلاص، ولكن الممارسات السياسية لم تكن على مستوى طموحات اللبنانيين لقد ارتضى معظم اللبنانيين اتفاق الطائف لتحقيق الوفاق الوطني على قاعدة الاصلاحات السياسية والدستورية، وتمكين الدولة من استعادة دورها من خلال إعادة بناء مؤسساتها على أسس سليمة، وتجديد تجربة العيش المشترك وترسيخه، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وتخطي الأزمات التي يعاني منها الشعب، غير ان انهاء الاقتتال واستتباب الأمن، وعودة الحياة الطبيعية، والاستقرار المالي الذي تحقق وتنفيذ بعض مشاريع البنى التحتية لم بقترن بتحقيق الأمور الموعودة. فالذهنية التي تحكمت في مسار العمل السياسي أعاقت مشروع بناء دولة القانون والمؤسسات. وأفرغت اتفاق الطائف نفسه من مضمونه، وأوصلت لبنان الى وضع متأزم. وقد أدّى هدر المال العام، والمحاصصة وتجذر الفساد في الإدارة، وزيادة الركود الاقتصادي، وتردي الأوضاع المعيشية، وتراجـع تجـربـة لبنان الديموقراطية، الى انحطاط القيم بوجه عام.
ان تخطّي الواقع الذي يعاني منه لبنان، وتجديد معنى وجوده وإستعادة دوره ثقافيا وسياسيا واقتصاديا، على المستويين الاقليمي والدولي، والتصدي لمخططات العدو الإسرائيلي التي تجاوزت القانون الدولي وشرعيته، تتطلب دولة تحقق وحدة وطنية فعلية راسخة، وذلك باعتماد سياسات تنمّي الجوامع المشتركة، وتوفر شروط العيش الكريم لجميع اللبنانيين على شتى انتماءاتهم، وتضع حدّا نهائيا للانقسامات الطائفية والمذهبية التي شرذمت المجتمع وقوضت أركان الحياة الوطنية. ان الدولة القادرة على القيام بهذه المهمة. التي لا غنى عنها، هي دولـة الـقـانـون والمؤسسات الـعـامـلـة على تحقيق الديموقراطيـة بأبـعـادهـا السياسية والاجتماعية والثقافية، ولا يمكن لدولة كهذه أن تنهض في لبنان ما لم يتوفر لها سياسيون أكفّاء مترفعون عن الصغائر والمصالح الضيقة، متحررون من العصبيات على اختلافها. مسؤولون يدركون معنى وجود لبنان، ويجسّدون في نواتهم القيم الإنسانية. ويؤمنون بالديموقراطية قيمة بذاتها، ويلتزمون التقيّد بالدستور والقوانين. مسؤولون يمتلكون رؤية سياسية عميقة وسليمة لما يجب أن يكون عليه لبنان على مشارف الألف الثالث، ومصممون على تحويل هذه الرؤية واقعا يعيشه الشعب والمجتمع والدولة. مسؤولون لهم تاريخهم ومواقفهم ونهجهم ما يجعلهم موضع ثقة اللبنانيين والعالم.
ويدرك المثقفون ان النظام البرلماني المعتمد في لبنان لا يمكن رئيس الدولة من تحقيق التحول المطلوب في مسار الحكم ما لم تتوفر للبلد حكومة تتحمّل المسؤولية بجدارة، وتعطي لكل ذي حق حقه معتمدة المؤهلات العلمية والخلقية الوطنية منطلقا للمناصب والمسؤوليات ومجلس نواب يمارس دوره كاملا في إطار الالتزام بقضايا الشعب والوطن.
ومن المفترض بالانتخابات الرئاسية أن تشكّل الخطوة الأولى في مسيرة الانقاذ الذي يتطلب تحقيق الأمور الآتية:
1- ممارسة رئيس الجمهورية دوره كاملا في الـتـوجـيـه وضبط أداء المؤسـسـات الدستورية، والسهر على احترام الدستور وصون الوحدة الوطنية والاستقلال.
2- إستعادة كل من المؤسسات الدستورية دورها في إطار المبادئ والقواعد التي نص عليها الدستور، بما يضع حدّا نهائيا لبدعة الترويكا.
3- تحصين القضاء عملا بما ورد في وثيقة الوفاق الوطني لي تامين استقلالية السلطة القضائية استقلالا تاما.
4- إصلاح الإدارة وتفعيلها وضبطها وتنفيذ اللامركزية الإدارية الموسّعة، وتوفير الشروط التي تمكّن الإدارات المحلية من ممارسة مهامها.
5- الالتزام بتطبيق قانون الاثراء غير المشروع وترشيد الانفاق والحفاظ على المال العام والقضاء على الفساد.
6- وضع قانون جديد للانتخابات النيابية يضمن صحة وعدالة التمثيل وتكافؤ الفرص، عن طريق تحديد سقف الانفاق المالي على الحملة الانتخابية، وتنظيم الإعلام والإعلان الانتخابي، حفاظا على الحياة الديموقراطية السليمة في لبنان واعتماد سن الانتخاب الى الثامنة عشرة ليتيح لجيل الشباب المشاركة في المسؤولية واعادة النظر بتقسيم الدوائر الانتخابية، ووضع قانون عصري للحياة الحزبية في لبنان.
7- تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة بدعم العمل المقاوم للأطماع الإسرائيلية ومخططاتها العدوانية.
8- رفض توطين الفلسطينيين وصولا الى تمكينهم من العودة الى وطنهم المحرر.
9- معالجة الركود الاقتصادي وإيلاء المسألة الاقتصادية.