بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تشرين الأول 2023 06:09م لقاء نصرالله بنخالة والعاروري بحث في حتمية "وحدة الساحات" لمواجهة إسرائيل

تقديرات بطلب إيران من أذرعها العسكرية فتح جبهة لبنان تزامناً مع بدء اجتياح غزة

حجم الخط
لم يعد السؤال حول ما إذا كان يمكن أن تنفجر الأوضاع على الجبهة الجنوبية، بقدر ما بات جميع المراقبين يعتبرون أن موعد هذا الانفجار أصبح على الأبواب، بعدما أخذ الوضع الميداني على هذه الجبهة يتطور بشكل تصاعدي بين "حزب الله" وإسرائيل، على نحو ينذر بدخول لبنان طرفاً في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة "حماس" . ومع اتساع نطاق المواجهات المستمرة بين "الحزب" والجيش الإسرائيلي على طول الخط الحدودي، من الناقورة غرباً حتى مزارع شبعا شرقاً، فإن الخشية تزداد أكثر من توريط لبنان في حرب غزة، في ظل تقديرات بأن تعمد إيران إلى الطلب من "حزب الله" والفصائل الفلسطينية الدائرة في فلكها، القيام بشن هجوم على إسرائيل من جنوب لبنان، لتخفيف الضغط العسكري على حركة "حماس" في غزة، فور البدء بالهجوم البري على القطاع . وقد لفت الانتباه الاجتماع الذي عقد بين الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، والأمين العام ‏لحركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين زياد نخالة ونائب رئيس ‏المكتب السياسي لحركة "حماس"  صالح العاروري.

وفيما تدل كل المؤشرات على أن الأمور على الجبهة الجنوبية ذاهبة نحو الأسوأ، ما يعني الخروج عن قواعد الاشتباك القائمة منذ ال2006 بين "حزب الله" وإسرائيل ، فإن الأجواء السائدة في القرى والبلدات في المناطق الحدودية التي أصبحت خالية من سكانها، توحي بهذا الأمر، وتؤشر إلى أن الفريقين يستعدان للمواجهة الشاملة التي لم يعد موعدها بعيداً، بعد اتساع رقعة المواجهات اليومية بينهما في جميع المواقع، وفي ظل ارتفاع منسوب التصعيد العسكري المفتوح على كل الاحتمالات، سيما بعد اشتداد القصف الإسرائيلي واتساع نطاقه داخل الأراضي اللبنانية . ما ينذر بخروج الأوضاع عن السيطرة في أي وقت.

ويأتي اللقاء الذي جمع السيد نصر الله بالقياديين الفلسطينيين نخالة والعاروري، والذي أشير إلى أنه "استعرض الأحداث الأخيرة في قطاع غزة منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" وما تلاها من تطورات على كل صعيد, كما وحصل تقييم للمواقف المتخذة دولياً وإقليمياً وما يجب على أطراف محور المقاومة القيام به في هذه المرحلة الحساسة"، ليشير بوضوح إلى أن هذا المحور يعمل جدياً من أجل المضي في التنسيق السياسي والأمني المشترك من أجل "وحدة الساحات" في مواجهة إسرائيل . وهذا ما ظهرت مؤشراته من خلال عمليات إطلاق الصواريخ التي تقوم بها فصائل فلسطينية من منطقة جنوب الليطاني، بضوء أخضر من "الحزب" . ما يدل على أن كل مكونات المحور المذكور باتت منخرطة في المواجهة الدائرة مع إسرائيل، بانتظار القرار الإيراني بتوسيع رقعة هذه المواجهات، ما يعتبر إشارة ل"حزب الله" وحلفائه بالانخراط في الحرب، انطلاقاً من جنوب لبنان . وهذا هو ما يتخوف منه الجميع، في لبنان والخارج لأن التكلفة التي سيدفعها اللبنانيون ستكون باهظة . 

وما يثير الكثير من المخاوف على مستقبل الأوضاع في لبنان، التوجه المتسارع للعديد من البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية إلى ترحيل رعاياها من لبنان، والطلب منهم مغادرته على وجه السرعة . وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على مدى خطورة الأوضاع في البلد، وإمكانية خروجها عن السيطرة في أي وقت . وفي هذا الإطار، علم أن سفارة المملكة العربية السعودية بدأت بإجلاء عوائل الموظفين الديبلوماسيين عبر مطار بيروت على طيران السلاح الجوي السعودي، في حين أن عددا من سفارات الدول الكبرى بدأت باتخاذ اجراءات جدية لتسجيل رعاياها الراغبين بمغادرة الاراضي اللبنانية عن طريق الاجلاء العام وذلك من خلال تأمين وسائل نقل جماعية لهؤلاء. وكذلك علم أن هذه السفارات ستخصص منصات عبر الإنترنت ليتمكن هؤلاء من تسجيل أسمائهم وتفاصيل اقامتهم في حال رغبتهم بالمغادرة. وهي تنتظر ساعة الصفر للاعلان عنها. وفي الإطار، كتب سفير أوستراليا أندرو بارنز على منصة "إكس"، "رسالة الى الأستراليين الموجودين في لبنان: ما زلنا ننصح بعدم السفر الى لبنان بسبب عدم استقرار الوضع الأمني وخطر تدهوره أكثر. إذا كنت ترغب في مغادرة لبنان، عليك ان تستقلّ اول خيار تجاري مُتاح".

وفي هذا السياق، تشدد أوساط مراقبة، على أن هذه التحذيرات الدبلوماسية العربية والأجنبية، تأتي على خلفية معلومات استخباراتية بأن لبنان على وشك الدخول كطرف في الحرب، من خلال "حزب الله" والفصائل الفلسطينية التي تدور في الفلك الإيراني، بعدما رفعت طهران من وتيرة تهديداتها، بأنه لن تكون على الحياد، إذا ما قررت إسرائيل القيام باجتياح بري لقطاع غزة . وهو أمر يجري الاستعداد له، وإن كان الأميركيون يعملون على تأجيله، ربطاً بملف الرهائن الذي قد يشهد تطورات في الأيام المقبلة، تتمثل بإطلاق "حماس" مجموعة من الأسرى مزدوجي الجنسية المحتجزين لديها . وتركز الاتصالات العربية والدولية الجارية على منع تمدد الحرب، لتشمل لبنان والمنطقة، نظراً للتداعيات التي يمكن أن تخلفها، في ظل تهديدات أطراف عديدة بإشعال الإقليم، في حال قررت إسرائيل وبدعم أميركي، العمل على التخلص من "حماس"، بما يشكله ذلك من تجاوز غير مسبوق لكل الخطوط الحمر .

ووسط ما يجري من حولنا، فإن عبث أهل السلطة بلغ سقفاً عالياً من الامبالاة والاستهتار، لناحية الضرب عرض الحائط بكل ما يضمن تحصين الجبهة الداخلية وحماية البلد من الانهيارات التي تتهدده .إذ لا يعقل أن لا تكون هناك صيغة لمعالجة الشغور المرتقب في قيادة الجيش، مع اقتراب موعد إحالة العماد جوزف عون على التقاعد . وهل من المقبول أن ينفجر الخلاف بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم، بشأن معالجة التعيينات العسكرية؟، فيما البلد برمته على كف عفريت . وهذا ما يفرض التعالي عن كل الصغائر، وأن يبادر المسؤولون فوراً إلى إيجاد صيغة، تضمن التمديد لقائد الجيش لأشهر، ريثما يصار إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لأن مصلحة لبنان تعلو فوق كل المصالح الخاصة، وليتم وضع سياسة تصفية الحسابات التي يعتمدها البعض جانباً، لئلا ينهار الهيكل على رؤوس الجميع .