بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 حزيران 2020 07:21ص لماذا أعاد بري تزخيم مبادرته الفلسطينية؟

حجم الخط
في أوقات الذروة كما خلال مراحل الهدوء الأمني، تتشابك الساحتان اللبنانية والفلسطينية وتتكاملان لناحية التصدي للمخاطر المحدقة بهما، وذلك ما كان في جوهر المسعى المُتجدد لرئيس مجلس النواب نبيه بري فلسطينياً والذي لا يمكن فصله عن وساطاته الداخلية ولقاءاته الثنائية لتبريد الساحة المحلية.

خلال يوم «السبت الأسود» في السادس من الشهر الحالي، كادت الأمور تفلت في البلاد من عقالها متخذة منحى طائفياً، وتردد عن تورط أفراد فلسطينيين في الأحداث التي وقفت جهات وراءها وعملت في أكثر من منطقة لتأجيج الخلافات المذهبية.

ورغم اعتقال أحد مرتكبي أعمال العنف من الجنسية الفلسطينية، تؤكد الفصائل قرارها القاطع بعدم التورط في تلك القلاقل، وهو ما عكسه اجتماع سبق تلك التطورات وعقد في الخامس من الشهر الحالي، شدد فيه المجتمعون على النأي بالنفس عن كل تورط في أحداث المشهد اللبناني ومنع حتى إصدار البيانات والمواقف التي من شأنها التأثير سلباً على الاستقرار.

حساسية الموضوع الفلسطيني تتمثل في الوضع الدقيق للمخيمات التي شكلت معبرا ومقرا لتيارات متطرفة عبثت ومن خلفها بالمشهد اللبناني. في أحداث مريبة سابقة تطلب الأمر جهودا جبارة تواءم فيها العامل الأمني مع ذلك السياسي، إضافة الى الجانب الإنساني، لوأد فتنة فلسطينية لبنانية دفع الجانبان ثمنها غاليا في الماضي.

اليوم يخشى المعنيون تكرار تلك التجارب، ما دفع بري الى رفد مسعاه الفلسطيني بزخم متجدد. وهو الذي كان عمل الصيف الماضي على خط التقريب لبنانياً بين الحركتين الأهم على الساحة الفلسطينية، «فتح» و«حماس»، وكان ذلك قبيل حدثين بالغي الأهمية طبَعا المسرح: اندلاع حراك 17 تشرين الأول وهبوب وباء «كورونا» بكل ما حمل على البلاد. 

التورط يعني الفتنة

شكلت «الوحدة الفلسطينية» هنا عنوان نشاط رئيس المجلس الذي أعاد على عجل تشغيل محركات مسؤول الملف الفلسطيني في حركة «أمل» محمد جباوي للقاء الأطراف الثلاثة الرئيسية في المخيمات (مع اختلاف حضورها على الارض): فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية»، «تحالف القوى الفلسطينية» والقوى الإسلامية.

تتخذ حركة بري دعماً كاملاً من قبل «حزب الله»، كما عملت أطراف حزبية على الاهتمام بالموضوع الفلسطيني في لبنان مثل زعيم «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط وزعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري. وطبعاً نشط على هذا الخط، كما على خطوط أخرى تؤدي الى النتيجة نفسها في التهدئة وتحصين الأمن الداخلي، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

أما الإطار لهذا التقريب فهو «هيئة العمل الفلسطيني المشترك» المؤلفة من تلك القوى الفصائلية، والتي أفلت حركتها وشابتها الخلافات في الأسابيع الماضية ربطا بمواضيع مختلفة من بينها كيفية التعاطي مع «كورونا» في ظل تقليص  وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» من مساعداتها.

كان مؤدى رسالة بري أن حماية المخيمات هي من واجب الجميع كونه موضوعاً يمس الأفرقاء كافة وليس الفلسطينيين لوحدهم، ما يوجب منع الفوضى وتجنيب الوجود الفلسطيني التورط، وهو ما تدركه الفصائل تماماً وعملت عليه طويلاً ونادت في سبيل تفعيله.

ومن ناحية الفلسطينيين، فإن الرسالة أيضا واضحة وهي الطمأنة بأن لا مشروع من هذا النوع، ولن يتم السماح باستخدام هذا الوجود وقوداً في أية قلاقل في لبنان تؤدي الى الفتنة.

الحق الإنساني أولاً

يكرر الفلسطينيون دائماً أنهم قاموا بما يتوجب عليهم القيام به لناحية حفظ أمن المخيمات والتنسيق أمنياً وسياسياً مع الجهات اللبنانية المعنية وترتيب البيت الفلسطيني. واليوم يهدف هؤلاء الى تفعيل التعاون مع لبنان الذي غالباً ما رمى الكرة في ملعبهم لتوحيد الصف. 

وبرغم أن تشكيل مرجعية مشتركة للفصائل اتخذ وقتا أطول بكثير من اللازم ما أفسح المجال للتذرع بعدم الجاهزية للحوار مع لبنان، فإن الامور قد استوت في هذه الاثناء على إعادة تفعيل «لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني» بعد ضمور طويل وغير مفهوم. 

على أن من الجدير القول إن اللجنة برئاسة الوزير الأسبق حسن منيمنة لا تملك صلاحيات كبرى وكانت أهميتها متواضعة خلال الاحداث الامنية التي كان الفصل والربط فيها يعود الى التنسيق الأمني قبل غيره. لكن دور اللجنة سيكون هاماً في التقارب مع الفصائل وبحث المسائل الإنسانية وهي لب المطالب الفلسطينية التي تريد من لبنان عدم التعاطي أمنياً فقط مع قضاياها.

لكن توحيد الموقفين اللبناني والفلسطيني سيكون ضرورياً في مواجهة المساعي المستمرة لتصفية القضية الفلسطينية. هذا الأمر يُعد وجودياً بالنسبة الى اللاجئين الذين يشعرون بهذا الاستهداف مع تقليص خدمات ​«الأونروا​» التي تعتبر الشاهد الحي على قضية اللاجئين، روح القضية الفلسطينية. والمساعي تتركز حول الخروج بموقف يطالب الوكالة بتحمل مسؤولياتها كاملة وخاصة في ظل انتشار «كورونا» في المخيمات ما يعرضها لأخطار جديدة غير مُنتظرة.