بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 أيار 2020 08:15ص لماذا فرضت أميركا عقوبات على حزب الله؟

حجم الخط
لقد ترسخت لدى واشنطن قناعة نهائية بأن استعمال العنف مع حزب الله سلاح مصاب بالعقم وبعجز نزع سلاحه نظراً لامتلاكه آلاف الصواريخ الدقيقة القادرة على اصابة أهداف مدنية ومنشآت عسكرية في العمق الاسرائيلي بدقة شديدة.

من هنا لجأت ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى استعمال سلاح العقوبات أملاً منها بأن تلك الوسيلة المتبقية قد تكون كفيلة بتحقيق المراد والمبتغى والغاية المنشودة.

وبما أن لواشنطن نفوذاً قوياً في مجلس الأمن الدولي فاقت العقوبات التي فرضتها في الفترة الممتدة ما بين 1990 و 2007 السبعة والعشرون مرة على دول منها العراق وليبيا وهاييتي والسودان ويوغوسلافيا. 

ووفقاً لموقع world valians كان عدد العقوبات التي فرضتها أميركا على الدول الأخرى أكثر من 500 مرة، وأبرز الاهداف المتأتية من فرض واشنطن للعقوبات يكمن بتغيير سياسات الدول المستهدفة بها بدلاً من اراقة الدماء، وذلك لارغامها على الانتقال من توجه سياسي وايديولوجي مناوئ لها إلى توجه يصب في خانتها، واعادة تشكيل النظام السياسي برمته.

وعلى سبيل المثال نجحت العقوبات بالاطاحة بالرئيس البرازيلي جواو جولار عام 1964 والرئيس التشيلياني سلفادور الليندي في العام 1973. 

كما تسعى واشنطن من خلال العقوبات إلى القضاء على القدرات العسكرية القوية للدول المستهدفة والتي تكون مناوئة بشدة لسياساتها كما أسلفت.

وأذكر بأن فلسفة العقوبات كان قد أوضحها الرئيس الاميركي الأسبق وودر ويلسون في خطاب له في مدينة اينديا نابوليس عام 1919 عندما قال، إن الأمة التي تقاطعها أميركا هي أمة سائرة نحو الاستسلام. ووفقاً لشهادة ويليام دينبيستر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية حول العراق، فإن العقوبات على بلاد الرافدين أدت إلى وقف أكثر من 97% من وارداته و90% من صادراته، وأشارت التقديرات حينها إلى أن العقوبات كانت مسؤولة بشكل مباشر عن وفاة مليوني شخص نصفهم من الأطفال بحسب منظمة اليونيسيف، علماً أن العقوبات لم ترفع إلا بعد الغزو له عام 2003. والملاحظ أن سياسات العقوبات الأميركية كثر العمل بها بعد أحداث 11 أيلول 2001 تحت عباءة ايديولوجيا الفوضى الخلاقة والتي تشكل الفلسفة السياسية للمحافظين الجدد المبنية على أهمية التفوق الامريكي في كل المجالات.

وتقوم هذه النظرية على فرضية تواجد خطر داهم من عدو مجهول يهدد الأمن القومي الاميركي في كل لحظة وعلى تفكيك كل المواقع التي يفترض أنها تشكل مصادر تهديد لأمن ومصالح أميركا في العالم. 

من هنا يقول الكاتب تشارلز كروسامير ليست أميركا مجرد مواطن عالمي بل انها السلطة المهيمنة على العالم من أي قوة أخرى. 

ويتباهى معاون الرئيس الأسبق بيل كلينتون أنطوني لاك بالعظمة الاميركية عندما يقول إن مصالحنا ومثلنا لا تلزمنا بالتدخل وحسب بل تلزمنا بالقيادة. 

ويذكر أنه في العام 1898 ورد في خطاب عضو الكونغرس عن ولاية فيرجينيا البرت بفردج قوله علينا أن نتذكر اليوم ما فعله أباؤنا، علينا أن ننصب خيمة الحرية أبعد من الغرب و أبعد من الجنوب! علينا ان نقول لأعداء التوسع الاميركي، أن الحرية تليق فقط بالشعوب التي تستطيع حكم نفسها!! أما الشعوب التي لا تستطيع ذلك، فإن واجبنا المقدس أمام الله يدعونا لانقاذ الحرية  والحضارة من براثنها!! 

وبالمناسبة هنالك أطراف سياسية عديدة ألقت باللائمة على الحكومة لأنها لم تقترب من صندوق النقد الدولي، وهنا لست في صدد الدفاع عن حزب الله لكن حري بي التعريف بصندوق النقد الدولي والتحدث عن أهدافه، فهذا الصندوق أبصر النور في العام 1944 في مدينة بريتون وودز في ولاية نيوهمشاير في أميركا، وقد تعرضت سياسات صندوق النقد الدولي لسيل هائل من الانتقادات الشديدة من كبار المفكرين والخبراء الاقتصاديين وبعضهم كان مقرباً من الصندوق. فجون بركنز مؤلف كتاب اعترافات قاتل اقتصادي المترجم إلى 33 لغة قال أن صندوق النقد الدولي يشكل احد أدوات الشركات العالمية لبناء امبراطورية تسيطر على اقتصاد العالم وتهزم الدول المناوئة للسياسة الأميركية وتدمر الدول النامية، ويعتبر بركينز أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يتبجحا باقناع الدول الفقيرة بأنهما سيقرضانها مالاً بهدف التنمية، لكن ما تقوم به هاتان المؤسستان هو اقراض تلك الدول الصغيرة بهدف مساعدة حكومات الدول الكبرى وأبرزهم الحكومة الأميركية على التنصل اقتصادياً من هذه الدول الفقيرة عبر استثمارات وجماعات ضغط تجعل منها تابعة لها ومغردةً في سربها. 

ويشير بركنز إلى ان معدل البطالة في الدول التي اقترضت من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يتزايد مع تزايد الديون، وبالتالي تتزايد نسبة تبعيتها لمالكي هاتين المؤسستين. 

ويختم قائلاً: إذاً هنالك طريقتان لاحتلال أو تفتيت أي بلد تريد أميركا السيطرة عليه وعلى ثرواته، الطريقة الأولى إما باحتلاله بالقوة، وإذا فشلت تلك الطريقة تبقى الطريقة الثانية وهي قتله اقتصادياً أي بالخصخصة واغراقه بالديون عبر اخضاعه لاملاءات صندوق النقد الدولي.

من هنا، قد يكون رفض فريق الثامن من آذار الحكومي ما خلا الحليف التيار الوطني الحر الاقتراض من صندوق النقد الدولي متأتٍ من معرفته المسبقة بنتائج الاقتراض السلبية على سياساته المناوئة للمشروع الأميركي.