في هذا الزمن الضائع، حيث الفراغ في الحياة السياسية على أشدها، يطلع علينا بعض الوزراء ممن كانوا مغمورين بالأمس، وظهروا بفعل قرابة او مصاهرة، يطلقون علينا التصاريح العوجاء في وجه معارضة تأكد لها ان البلد لن يكون بخير طالما ان هؤلاء ينعمون بالجلوس على كراسي اعدت الى نوع من الرجال. هي لهم وليس لغيرهم. انهم من مواليد زمن الفراغ ومن يكون كذلك يعتبر فارغاً. فيما مضى، كان من يميز الرجال نضالهم وجهادهم في سبيل الوطن والقيم، فيعترف الناس بهم ويسلمونهم زمام امرهم.
ما يؤلم المواطن الشريف هو ان يرى بعض الناس ينتحلون صفات ليست لهم والاجدر بهم ان يتنحوا جانباً ويختفون، الا ان عنادهم يدفعهم الى الاعتقاد ان الدنيا لهم وحدهم وما عداهم يعتبرون عبيداً عندهم.
نعم هذا ما يولده الفراغ والافضل ان يدعهم جانباً ليعيشوا الفراغ، فالسلطة لا تقبل الفراغ.
عجيب هذا الزمن الذي اصبح خالياً من الرجال، رجال دولة، عملهم هو دائماً ينبغي ان يصب لمصلحة الوطن والمواطنين، ومن يتخلى عن دوره هذا يكون فاقداً لوجودهم.
كثيرون من سياسيين هم من فاقدي هذا الوجود، هم اسم على غير مسمى، فليبتعدوا عن الانظار، فذلك افضل لهم واشرف. لا احد منهم يشبه اميل ادة او بشارة الخوري او فؤاد شهاب، وهذا ما سبب لنا الكثير من الازمات، الواحدة تلو الاخرى حتى طاولت الهوية. الحقيقة التي لا جدال هي ان البلد منقسم الى فئتين، فئة تتطلع الى الغرب لحمايتها وفئة تتمسك بأصولها العربية، والفئتان مختلفتان على اي لبنان يريدان.
حان الوقت كي يتصرف اللبنانيون بعقل وحكمة، فلا يتطلعون الا لمصلحتهم وخيرهم ويلتزمون النأي بالنفس تجاه القريب والبعيد، فذلك هو السبيل الوحيد كي ينقذوا انفسهم والوطن ويؤمنوا لمستقبل أجيالهم العمل بأمان وسلام.
نحن نمر في وقت عصيب، والعاصفة تحيط بنا من كل جانب وينبغي لنا ان نتحول الى وقفة ضمير حي وواع ومدرك، فنلتف بعضنا الى بعض ونجابه العاصفة موحدين وننقذ انفسنا ووطننا لبنان. انها رسالة موجهة الى جميع قوانا الشرقية والغربية على السواء ليعملا معاً لهدم خط التماس ومجابهة العاصفة والتغلب عليها، وبصمودنا ننتصر.
* نائب ووزير سابق