لا جديد على الجبهة الداخلية، سوى تأكيد رئيس الجمهورية لزواره الذين التقاهم أمس في القصر الرئاسي في بعبدا، بأن الاستشارات النيابية ستجري يوم الاثنين المقبل، وان الحكومة سستبصر النور عاجلاً أو آجلاً بناء على ما آلت إليه المشاورات التي أجراها في الأسابيع الأربعة الماضية مع القوى السياسية المعنية بهذا الأمر، وكأنه (رئيس الجمهورية) تعمد بذلك الرد على ما أشيع في الساعات الأربع والعشرين ساعة الماضية عن احتمال تأجيل الاستشارات، لإعطاء مزيد من الوقت أمام القوى المعنية لإعادة النظر في حساباتها في شأن المرشح الأوفر حظاً وربما الوحيد لرئاسة الحكومة العتيدة المهندس سمير الخطيب بوصفه تتقاطع حوله كل المواقف والحسابات الإقليمية والدولية قبل الداخلية.
أما الجديد الذي طرأ على الأزمة الداخلية العميقة، فهو الدعوة التي وجهتها الحكومة الفرنسية إلى دول الدعم لعقد اجتماع في باريس في الحادي عشر من الشهر الجاري، يخصص للبنان من أجل حشد مساعدات تناسب أزمته الاقتصادية الحادة إلى رسائل الرئيس سعد الحريري لمن يمون عليهم من رؤساء أصدقاء طلباً لتأمين اعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات بهدف معالجة النقص في السيولة وتأمين مستلزمات الاستيراد الأساسية للمواطنين.
إن هذين المبادرتين اللتين جاءتا في زحمة اللغط الدائر في الداخل اللبناني حول عدم توصل الأطراف المعنية للاتفاق علىالحكومة المقبلة، رئيساً واعضاء يطرحان علامات استفهام كثيرة حول مصير الاستشارات النيابية يوم الاثنين المقبل، وعما إذا كانت ستستكمل بإعلان اسم الشخص الذي سيكلف تشكيل الحكومة أم أنها سترجأ تحت وطأة هذه الخلافات من جهة، ووطأة الانتفاضة الشعبية من جهة ثانية التي أعلنت رفضها المسبق للتكليف وللحكومة التي تمّ الاتفاق عليها داخل الغرف السوداء، والتي لا تختلف بشيء عن حكومة المحاصصة المستقيلة والتي أوصلت البلد بأدائها السيىء إلى الانهيار ، الا انه لا يزال من السابق لأوانه إصدار الاحكام القاطعة لما ستؤول إليه الأمور يوم الاثنين المقبل، في ظل الغموض الذي ما زال يلف مواقف الأطراف الأساسية من الثنائي الشيعي الذي يقال انه ما زال متمسكاً بالحريري لتشكيل الحكومة، وأن قبوله بتسمية المهندس الخطيب كان من قبيل الضغط على الحريري لا أكثر، ومن الرئيس الحريري نفسه الذي لم يعلن بعد عمّا إذا كان سيسمي الخطيب لرئاسة الحكومة العتيدة أو انه سيمتنع عن هذه التسمية، بالرغم من تأكيد أوساط الخطيب على انه ما زال ملتزماً بتسميته لتشكيل الحكومة، ولم يطرأ أي جديد يؤشر إلى حصول أي تغيير في موقفه، لا سيما وانه حتى الساعة ليس هناك من خيار آخر وفي حال وجد فإنه سيؤدي إلى حكومة اللون الواحد أو إلى استمرار مرحلة تصريف الأعمال واستمرار الوضع على ما هو عليه، الأمر الذي يرفضه الرئيس الحريري، ولا يقبل بأن يتحمل مسؤوليته أمام اللبنانيين والتاريخ.
في المقابل يبرز عامل آخر وهو الأكثر تأثيراً على مسار حركة السلطة واحزابها للخروج من المأزق وهو الاستعدادات الجارية، من قبل الثوار للتصعيد على الأرض لمواجهة استشارات تقود إلى عودة حكومة نسخة منقحة عن التي استقالت ويجري التنسيق على قدم وساق بين أهل الانتفاضة مع اتجاه لإعلان الإضراب العام يوم الاثنين المقبل واقفال الطرقات احتجاجاً على ما يتم التداول به من حكومة يعتبرون انها أسوأ من السابقة وليست مؤلفة من اختصاصيين.