بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 تموز 2020 12:02ص مبادرة الحياد: كي لا يبقى لبنان بعيداً عن محيطه

حجم الخط
تستمر المعاناة السياسية والاقتصادية والمالية دون التوصل إلى أي حلول، في ظل الانكماش ‏الاقتصادي المريب والبطالة المستشرية، في حين أن ما حرك المياه الباردة في البلد إنما تمثل ‏بمواقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والتي تعتبر من أبرز العناوين التي أعلنت والتي من ‏شأنها أن تؤدي إلى خشبة الخلاص في حال صدقت النوايا وكان هناك تجاوب مع هذه ‏الطروحات، وإنما وفق مصادر سياسية فإن المعلومات تؤكد استحالة التوافق الداخلي في هذه ‏المرحلة لجملة ظروف واعتبارات داخلية وخارجية، فحزب الله مطوّق بالعقوبات الدولية والأمر ‏عينه لإيران، بينما لن يقبل الحزب إطلاقاً بمبدأ وشعار الحياد الذي أعلنه سيد بكركي إذ يعتبر أنه ‏ضد سياساته وتوجهاته ومقاومته، وبالتالي لا ينسجم مع المبادئ العقائدية والدينية للحزب في ‏صراعه مع إسرائيل، وفق ما يُنقل عن المحيطين به.

وفي المقابل، بات واضحاً أن لبنان لن يحظى ‏بأي دعم دولي في كل المجالات، إذا استمر على سياساته الحالية وخصوصاً العلاقة بين الدولة ‏والحكومة من جهة وإيران من الجهة الثانية على خلفية دور حزب الله في الداخل اللبناني ‏وإملاءاته على مؤسسات الدولة، وقد اُبلغ أكثر من مسؤول لبناني ليس من اليوم بل منذ فترة ‏طويلة أنّ على المسؤولين اللبنانيين أن يغيروا هذا النهج وهذه السياسات ويلتزموا بما يصدر عن ‏المجتمع الدولي من قرارات وعقوبات بحق إيران وحزب الله، مع أن أكثر من عاصمة دولية تقرأ ‏جيداً خصوصية لبنان وظروفه، ولكن الأمور تبدلت بعدما أصبحت الدولة اللبنانية في موقع لم ‏نعهده من قبل، ما أدى إلى الانهيار الذي يحيط بلبنان اليوم وخصوصاً في المجالات الاقتصادية ‏والمالية، ولهذه الغاية فإنّ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يحمل معه ملفاً متكاملاً ‏لخروج لبنان من أزماته التي يتخبط بها، ولا يمكن بعد اليوم تفهُّم خصوصية لبنان وظروفه على ‏اعتبار أنّ هناك أجندة دولية واضحة تجاه إيران وحزب الله وكل ما يقومون به، وعلى هذه الخلفية ‏جرى إبلاغ المسؤولين اللبنانيين أكثر من مرة بضرورة أخذ الأمور على محمل الجد، ولكن لم ‏يكن هناك أي التزام بل تمادوا كثيراً في تطوير علاقاتهم أكان مع إيران أو الدول التي تُعتبر حليفة ‏لطهران، ولذلك فإنّ لودريان يحمل معه هذه المخاوف والمطالب إن من باريس أو الدول المانحة، ‏حيث باتت الشروط معروفة ولا يمكن التراجع عنها، والكرة باتت في ملعب الدولة والحكومة ‏اللبنانية.‏

ويبقى أخيراً أنّه حيال هذه الظروف الصعبة فإن كل الأجواء والمعلومات من قبل المتابعين للملف ‏اللبناني لا تحمل أي أجواء تفاؤلية، فالأزمة طويلة وستشهد كباشاً سياسياً إقليمياً ودولياً، بعدما بات ‏لبنان ساحةً لأكثر من محور إقليمي ودولي، وفي المحصلة ذلك سيؤثر على اقتصاده الذي بات ‏منهاراً والخروج من الأزمات ليس بكبسة زر بل هناك مخاض عسير للوصول إلى تسوية أو ‏حلول أبرزها أن تكون هناك عملية إصلاحية إدارية ومالية شاملة، وكذلك ألا يخرج لبنان عن ‏علاقاته وتاريخه مع الدول الشقيقة والصديقة، وذهابه إلى أي محور آخر سيترك سلبيات بالجملة ‏وتحديداً على اقتصاده.‏