بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 شباط 2019 06:03ص محاربة الفساد الإمتحان الصعب.. والعين الدولية ترصد عملية الإصلاح

الحكومة أمام الفرصة الأخيرة لإنتشال الوضع الاقتصادي من حالة الترهل

حجم الخط

هل يؤسّس فتح قنوات التواصل  بعد إشكال الموسوي - الجميل لمرحلة جديدة بين الضاحية ومعراب؟


تخضع «حكومة إلى العمل» للكثير من الرهانات فالبعض يرى انها ستكون شبيهة بالحكومات التي سبقتها تكثر من الأقوال ولا تقرب من الأفعال، والبعض الأخير يُؤكّد بأنها ستكون مختلفة بحيث ان الظروف المحلية وكذلك الخارجية تحتم عليها القيام بانتفاضة تعيد من خلالها ثقة النّاس بالدولة وكذلك ثقة المجتمع الدولي الذي لم يعد يرى في حكومات لبنان الا هدراً وفساداً ونكداً ومناكفات، وهي امام هذا الواقع ستضع برنامجاً اصلاحياً ستنفذه بحذافيره يشمل كل القطاعات والملفات والاستحقاقات باعتبار ان الوقت لم يعد يسمح لمزيد من التلكؤ في المعالجات، خصوصاً ان ما هو منتظر من مساعدات آتية عن طريق مؤتمر «سيدر» يحتاج إلى الكثير من الإصلاحات التي في سُلَّم اولوياتها اقتلاع الفساد ووقف هدر المال العام، فالمجتمع الدولي لا يثق بالواقع السياسي الحالي، ولا المستثمرون يرتاحون إلى ما هو موجود في الإدارة لتوظيف اموالهم، ولذا فإن الحكومة الحالية لديها فرصة ربما لا تتكرر لانتشال الوضع الاقتصادي من حالة الترهل التي وصل إليها، وكذلك تحصين الساحة الداخلية لكي تتمكن من مواجهة ما هو آتٍ من استحقاقات ومتغيرات إقليمية ودولية.
المتشائمون في الداخل اللبناني ينطلقون من قاعدة من «جرب المجرب كان عقله مخرب»، فهم يرون ان لا شيء تغير في التركيبة الحكومية، فالمكونات المشاركة في التوليفة الحكومية ما تزال هي.. هي من أحزاب وقوى سياسية، لا بل ان معظم الحقائب الوزارية بقيت في ايدي من كانوا يتولونها في الحكومة الماضية وإن تغير أسماء الوزراء، ولذا من غير المأمول ان تحدث الحكومة الحالية أية متغيرات جذرية وإن كانت ربما تحاول تجميل صورتها في بعض الأماكن، فالغباء هو تكرار فعل نفس الشيء عدّة مرات وتوقع نتائج مختلفة على حدّ تعبير انشتاين.
في مقابل ذلك يُؤكّد المتفائلون وجود رغبة حقيقية وجدية لدى القوى السياسية في معالجة الوضع الحالي من مختلف جوانبه بشكل جذري لاعتقادهم بأن مقاربة الملفات بالطريقة ذاتها التي كانت تحصل في السابق لم تعد واردة لأنها أثبتت فشلها، وأن النصائح الدولية للمسؤولين ستؤخذ هذه المرة على محمل الجد، بعد ان قرعت أكثر من جهة دولية وإقليمية معنية بالملف اللبناني ناقوس الخطر من ان الوضع اللبناني وصل إلى حافة الهاوية وأن المرحلة الحالية تعتبر فرصته الأخيرة للانتقال من ضفة الانهيار إلى ضفة الاستقرار والازدهار.
وفي رأي هؤلاء ان لبنان لم يشهد طوال السنوات التي خلت إجماعاً لبنانياً كما هو حاصل اليوم على محاربة الفساد ووقف الهدر في المال العام، فهناك قوى سياسية تختلف حتى عقائدياً اجتمعت على ضرورة خوض هذه المعركة بكل ما أوتيت من قوة ويأتي في مقدمة هؤلاء «حزب الله» و«القوات اللبنانية».
ويقول هؤلاء المتفائلون أن «رُبَّ ضارة نافعة» ما حصل  خلال جلسة الثقة بين النائبين نواف الموسوي ونديم الجميل والمخرج الذي لم يكن متوقعاً لحل هذا الاشكال، إذ ان طريقة المعالجة فتحت قنوات اتصال عن قصد أو غير قصد بين الضاحية ومعراب وأن هذا ربما يؤسّس لمرحلة جديدة من التعاطي خصوصاً وأن الفريقين يلتقيان على هدف واحد هو محاربة الفساد وترشيد الانفاق ووقف الهدر.
ويرى هؤلاء ان قابل الأيام سيحكم على اقوال كل فريق من خلال افعاله في ما خص معالجة الملفات الداخلية، فمعذور من يشكك بإمكانية انتقال الوضع الداخلي من حال إلى حال كون ان البلد مر بتجارب مماثلة وهذه التجارب لم تكن مشجعة على الأطراف لا بل انها اوصلت اليأس إلى نفوس اللبنانيين.
وفي اعتقاد هؤلاء ان الورشة الإصلاحية يجب ان تنطلق مع انطلاق الحكومة، وان المعركة مع الفساد يجب ان لا تتأخر ولا يجوز ان تطال الصغار من الموظفين وتتجاهل الرؤوس الكبيرة، فشطف الدرج يبدأ من فوق، وإذا حصل العكس فإنه سيزيد طينة الفساد بلة.