بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تشرين الأول 2019 06:05ص محاولات إعادة الحكومة الحالية يستقطع مزيداً من الوقت ويزيد من حدّة الأزمة

حل الأزمة بتأليف حكومة جديدة تُلبّي متطلِّبات المرحلة وتهدِّئ الشارع

حجم الخط

«إعاقة تسريع البت بحكومة جديدة بحجج مفتعلة ومتعددة، وليست مقنعة وإنما هي بمثابة ذرائع لإبقاء القديم على قدمه، وإعاقة كل محاولات التغيير»


أظهرت وقائع الأحداث المتواصلة منذ اندلاع التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي رددت شعارات المطالبة بالتغيير السلطوي في لبنان، انه لم يعد ممكناً الاستمرار في إدارة البلد بالتركيبة الحكومية الحالية التي كانت تتولى ممارسة مهامها قبل التاريخ المذكور، بالرغم من كل محاولات بعض الأطراف السياسيين فيها كحزب الله والتيار العوني وحلفائهما، التشبث بهذه التركيبة ورفدها بما يمكن من عوامل الدعم الاصطناعي لإعادة تعويمها من جديد، لأنها في الواقع اصيبت بعطب كبير يتعذر ترميمه على هذا النحو، وبالتالي لن تستطيع الانطلاق بقوة واندفاع للقيام بالمهمات الجسام المنوطة بها وستواجه بنفس الاعتراضات والرفض وستتعثر وتسقط مجددا وبسرعة.

فهذه التركيبة الهجينة التي ولدت تحت عنوان حكومة الوفاق الوطني وضمت في مكوناتها معظم الأطراف السياسيين منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، قبل ما يقارب الثلاث سنوات، وتم تكرار صيغتها معدّلة بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، لم تستطع تنفيذ مطالب المواطنين الملحة والضرورية وإنجاز المشاريع التي تنغص حياتهم كالكهرباء والنفايات وغيرها وتحقيق النهوض الاقتصادي المرتجى، بالرغم من كل محاولات رئيسها سعد الحريري الدؤوبة وسعة صدره لتجاوز التباينات بداخلها ومحاولات التعطيل والعرقلة المتواصلة التي مارسها أكثر من طرف من مكوناتها وفي مقدمتهم رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل تارة تحت شعار «الاصلاح» المزيف وتارة أخرى تحت شعار تحقيق المشاركة المسيحية وما شابه، في حين كان الهدف الأساس من وراء كل ما يطرح محاولة الاستئثار، ما أدى بالنهاية إلى تعثر بالأداء الحكومي العام، وزاد من تذمر ونقمة المواطنين المستائين اصلاً من لهجة الخطاب السياسي الاستفزازي الذي انتهجه باسيل من الأطراف السياسيين وتأجيج المشاعر الطائفية والمذهبية واستحضار مفردات الحرب الأهلية المشؤومة.

كل هذه العوامل والوقائع السلبية، تجعل من الصعوبة بمكان إعادة بث الروح من جديد في هذه التركيبة الحكومية التي سقطت بالممارسة وباعتراضات المتظاهرين والمحتجين، ما يستوجب استبدالها بتركيبة جديدة مختلفة، تأخذ بعين الاعتبار مقومات نجاحها وتجنب كل مسببات عرقلة الحكومة الحالية، في حين ستؤدي محاولات التشبث ببقاء التركيبة الحكومية الحالية تحت أي ذريعة كانت، إلى إضاعة مزيد من الوقت وتمديد الأزمة السياسية التي يتخبّط بها لبنان حالياً إلى أمد غير معلوم وما قد ينجم عن ذلك من تداعيات سلبية غير محسوبة، ليس على الصعيد السياسي فحسب وإنما على الصعد المالية والاقتصادية وقد تطال الوضع الأمني أيضاً.

لذلك، فإن محاولات إعاقة تسريع البت بحكومة جديدة، تارة بحجة الخوف من الفراغ وتارة أخرى عدم الانصياع لضغط التظاهرات والاحتجاجات لئلا تتكرر هذه التجربة مرّة أخرى أو التمسك بإعادة تعويم الحكومة الحالية لاعتبارات مرتبطة بحسابات الاستفراد بالقرار السياسي أو التذرع بالخشية من منحى سياسي للحكومة العتيدة، لا يراعي أو يتعارض مع توجهات «حزب الله» وسياساته، ليست مقنعة وإنما هي بمثابة ذرائع لإبقاء القديم على قدمه واعاقة كل محاولات التغيير لاحداث نقلة نوعية في الممارسة وبت أمور النّاس، وتهدئة الشارع وارضاء المتظاهرين والمعترضين على أداء السلطة ككل. فاعتماد أسلوب الضغط والتخويف الذي يلوح به البعض علانية أو مواربة، من قبل «حزب الله» أو غيره، لاعاقة أو إطالة أمد التغيير الحكومي لأي سبب كان، سيؤدي إلى زيادة تعقيدات الأزمة الحكومية السائدة، ولن يُساعد في حلحلة الأوضاع، في حين ان المطلوب في هذا الظرف بالذات مقاربة حل المشكلة الناشئة عن انتفاضة الشارع بأسلوب مغاير، يقرب بين مختلف الأطراف ويساهم في الوصول الى تفاهم يُساعد في حل المشكلة وليس إلى تعقيدها لا سيما في هذه الظروف الصعبة والمعقدة التي تمر بها المنطقة، في حين يلاحظ بوضوح ان من مسببات هذه الأزمة الحالية أساليب الضغط والاستقواء التي فرضها الحزب قسراً على اللبنانيين في السابق وساهمت بقيام التركيب السياسية الحالية وهو ما يجب تجنبه لأنها أظهرت فشلها والتشبث باعتمادها لحسابات إقليمية يعني الدخول في دوّامة من الخلافات واطالة أمد الأزمة على نحو غير محسوب، وهذا بالطبع لن يكون في صالح لبنان واللبنانيين.