بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 آب 2018 12:47ص محاولات باسيل لإلقاء تهمة تأخير التأليف على الحريري مكشوفة ولا تنطلي على أحد

عقدة التأليف مستحكمة بالدوران في السباق على الرئاسة الأولى قبل أوانها

حجم الخط

ما كشفه رئيس الجمهورية بأن باسيل هو في رأس السباق للمرشحين للرئاسة، قطع الشك باليقين وأكّد بأن لبّ العقدة التي تتحكم بتشكيل الحكومة، هي السباق إلى الرئاسة الأولى المقبلة

يحرص الرئيس المكلف سعد الحريري على عدم الانجرار إلى الرد على حملات المصادر والزوار التي تنسب، تارة إلى مصادر أو زوّار قصر بعبدا أو التي تصدر عن معتمدي النظام السوري المعروفين تارة أخرى، وكلها تهدف إلى محاولة تبرئة صهر رئيس الجمهورية الوزير جبران باسيل من مسؤولية التسبب بما سمي العقدة المسيحية الناجمة عن خلافه على توزيع الحصص والحقائب الوزارية مع «القوات اللبنانية» وغيرهم، والسعي بكل وسائل التسريب والضخ الإعلامي  لتحميل الرئيس الحريري مسؤولية تأخير تأليف الحكومة المرتقبة لوحده خلافاً للواقع والحقيقة، لا سيما وأن كل الذرائع والحجج المختلقة التي يستند إليها هؤلاء هشّة ولا تقنع الرأي العام من هنا أو هناك، باستثناء قلة تدور في فلك هؤلاء المروّجين لمثل هذه الدعاية المزيفة.
فالرئيس الحريري يعتبر ان المطلوب توفير التهدئة السياسية ليتسنى البحث الهادىء والتشاور بين كل المعنيين بالمشاركة في الحكومة العتيدة، لتذليل الصعاب وحلحلة العقد في أجواء مؤاتية ولأن التشنج السياسي وتصعيد المواقف ومواجهة التسريبات وحملات المصادر بمثلها وبالإمكان مواجهتها والرد عليها بالاسلوب نفسه، ولكن مثل هذا الاسلوب سيزيد في تصعيد الخطاب السياسي نحو الأسوأ ويؤدي في النهاية إلى زيادة العقد والصعوبات وإطالة أمد عملية تأليف الحكومة، في حين ان الهدف الأساس الذي سعى إليه الرئيس الحريري من خلال حثّ كل الأطراف المعنية إلى التزام أجواء التهدئة السياسية والتوصل إلى تأليف حكومة وفاق وطني يُشارك فيها كل الأطراف السياسيين الأساسيين.
فالعقدة المسيحية التي تتحكم وتعيق تشكيل الحكومة الجديدة، ليست بسبب الخلافات على توزيع الحصص والحقائب الوزارية كما يروّج دعاة هذه التسريبات، بل تتعدادها إلى مسألة تبؤ الزعامة المارونية والوصول إلى سدة رئاسة الجمهورية المقبلة بعد انقضاء ولاية الرئيس ميشال عون الحالية. ولذلك فإن الانكباب حالياً على معالجة هذه العقدة ينطلق من تبريد السباق الدائر بين رئيس «التيار الوطني» جبران باسيل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والذي افتتحه الأوّل بالسعي للاطباق على حصة وزارية راجحة في الحكومة الجديدة تؤمن له حيزاً كبيراً من ترجيح أو تعطيل قرارات الحكومة أو التحكم بها حسب مصالحه أو تؤمن له أفضلية على خصومه في الاستفادة من الاستئثار بالسلطة في تقديم الخدمات والتوظيفات وكل مستتبعاتها لصالح مؤيديه وتياره وتحقق له تقدماً ملموساً في السباق نحو الرئاسة متى حان استحقاقه، مع أن موعد هذا الاستحقاق الدستوري ما يزال مبكراً لافتتاح هذا السابق قبل أربع سنوات بمثل هذه الروحية والتوجيهات التي لم تعد خافية على أحد.
ولعل ما كشفه رئيس الجمهورية ميشال عون علناً قبل أيام بأن باسيل هو في رأس السباق للمرشحين للرئاسة المقبلة، قد قطع الشك باليقين وأكّد بأن لبّ العقدة التي تتحكم بتشكيل الحكومة المرتقبة، هي عقدة السباق إلى الرئاسة الأولى المقبلة، وليست العقدة العادية التي تتحكم عادة بمجرى المشاورات لتشكيل أي حكومة كانت وبالإمكان تذليلها في النهاية والتوصل إلى اتفاق بشأنها.
لذلك، لا بدّ من التركيز حالياً على التخفيف من وطأة السباق إلى الرئاسة الأولى أو تأجيله حتى يحين موعده، ليتسنى تقريب وجهات نظر كل الأطراف من بعضهم البعض وتمكينهم من التوصّل إلى قواسم مشتركة وتفاهمات تؤدي إلى إنجاز تشكيلة الحكومة العتيدة بأقرب وقت ممكن وبأجواء سياسية مؤاتية وهو ما يسعى إليه الرئيس المكلف في الوقت الحاضر، باعتبار مطالب الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة لا يقتصر على طرف سياسي دون الآخر وإنما هو مطلب لجميع الأطراف الذين عبروا صراحة عنه خلال المشاورات النيابية التي أعقبت تكليف الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة المرتقبة، في حين ان استمرار المناكفات على النحو الدائر حالياً والتلطي بمطلب الاستئثار بالحصص والحقائب انطلاقاً من السباق إلى الرئاسة الأولى، سيبقي الأمور في دائرة المراوحة ويطوّل أمد تشكيل الحكومة الجديدة أكثر مما كان متوقعاً.
وبالرغم من كل ذلك والتزام الرئيس الحريري عدم الرد، فعندما استوجب الرد على ما تردّد عن اعراف وبدع دستورية مختلفة، رد مباشرة وبوضوح على ما تنص عليه صلاحياته الدستورية وبالتأليف، وعندما طرح الوزير باسيل مسألة تشكيل حكومة أكثرية، ردّ عليه بأن من سماه لتشكيل الحكومة الجديدة، سماه على أساس تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطراف دون إبعاد أو استثناء أحد.
ولذلك، فإن الرد على محاولات إلصاق مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة الجديدة به خلافاً للواقع قد يأتي في إطار الردود المباشرة وليست عبر المصادر أو التسريبات الملتوية.