بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 نيسان 2018 12:33ص محاولة لإلحاق لبنان بسياسة المحاور ورفض تطبيع العلاقة مع المملكة العربية السعودية

استياء رسمي من إتهام نصر الله لدول الخليج بالتحريض على الضربة العسكرية ضد سوريا

حجم الخط

اعتبرت الأوساط أن اتهامات نصر الله لدول الخليج بالتحريض على الضربة العسكرية لا تستند إلى أدلة أو منطق

اثار موقف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي اتهم فيه دول الخليج العربي بالتواطؤ والتحريض في الضربة العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا ضد مواقع تصنيع وتخزين الأسلحة الكيمائية وقواعد عسكرية معينة في سوريا مؤخرا، استياء بالغا في الأوساط السياسية والسلطوية اللبنانية، باعتبار ان هذا الموقف التصعيدي يتنافى مع سياسة النأي بالنفس ولا يتلاءم مع المسار الذي انتهجته السلطة السياسية بكافة مكوناتها منذ مُـدّة بالرغم من الخلافات بين أطرافها بخصوص الأوضاع والمستجدات الإقليمية، ويتنافى كليا مع مساعي ومحاولات الدولة اللبنانية لتحسين وتطوير العلاقات بين لبنان ودول الخليج العربي عموماً والسعي لتجاوز كل سلبيات ومؤشرات المرحلة التي تسببت بها إساءات وارتكابات «حزب الله» في الداخل اللبناني والعديد من الدول العربية الشقيقة، ولاحظت هذه الأوساط ان مواقف نصر الله ضد دول الخليج العربي، لا تعبّر عن سياسة الخروج عن الإجماع اللبناني لإبقاء لبنان بمنأى عن تداعيات ومؤثرات الحروب والصراعات الإقليمية المجاورة فقط، وإنما تأتي في إطار السعي مجددا لجعل لبنان ساحة لحروب الآخرين على أرضه ومحاولة مكشوفة للزج به قسرا في سياسة المحاور والاحلاف التي تشتد صراعاتها بالمنطقة حاليا، وهي السياسة التي بات معظم اللبنانيين يرفضونها لأنها لا تتلاءم مع توجهاتهم وتتعارض مع سعيهم الدؤوب واصرارهم على إبقاء لبنان بمنأى عن هذه الاحلاف ولا سيما الحلف الإيراني الاسدي الذي يمعن في قتل السوريين وتدمير سوريا وامتدادات خططه وارتكاباته التخريبية لتشمل دولاً شقيقة وعلى علاقة تاريخية جيدة مع لبنان.
واعتبرت الأوساط ان اتهامات نصر الله لدول الخليج بالتحريض على الضربة العسكرية التي استهدفت مواقع أسلحة كيماوية لا تستند الى أدلة أو منطق، بل تأتي في إطار الاندماج الكلي مع المواقف الإيرانية المعادية لدول الخليج والتي تزداد حدتها يوما بعد يوم في ظل تصاعد حدة الصراع الإقليمي الدائر في أكثر من بلد عربي، لأن الدول الكبرى ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، تتحرك وفق مصالحها الاستراتيجية الخاصة ولا تتحرك لمصالح دولة إقليمية بمفردها كما يحلو له ان يدعي ذلك.
وتساءلت، لماذا يتهم نصر الله دول الخليج بالتحريص بدلا من ان يحمّل حليفه الديكتاتور بشار الأسد مسؤولية قتل آلاف الأبرياء السوريين المدنيين بالاسلحة الكيميائية المحرمة دولياً، ويسعى لاستغلال هذه الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ليحولها ضمن حملة ممجوجة لاستهداف دول الخليج العربي لاسترضاء قادة إيران وتوظيف هذا الصراع بالحسابات الداخلية اللبنانية ولا سيما في موضوع الانتخابات النيابية؟
وأشارت المصادر إلى مفارقة لافتة في مواقف الأمين العام لحزب الله وتزامنها مع مساعي وتحركات تبدلها الدولة على كلٍ المستويات لإعادة النهوض بلبنان، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
فكلما حقق لبنان خطوة إلى الامام في أي اتجاه كان، يلاحظ ان نصر الله يسعى إلى إجهاض هذه الخطوة لإعادة الأمور إلى الوراء، تارة من خلال خطاب تصعيدي أو استهداف تحركات الدولة بمظاهر أو عراضات أمنية أو عسكرية كما حصل في فترات سابقة.
وهذه المرة وبعد ما حقق لبنان نجاحاً في مؤتمر «سيدر» بباريس وحصوله على قروض ميسرة لإعادة النهوض الاقتصادي الذي يعني ويشمل كل اللبنانيين، ظهر الأمين العام بمواقف تسخِّف هذا الحدث المهم وتقلل من مؤثراته ونتائجه.
وبالامس وبينما لوحظ ان رئيسي الجمهورية والحكومة شاركا بفاعلية في القمة العربية المنعقدة في المملكة العربية السعودية وما لاقته مشاركة لبنان من تقدير وترحاب من كبار المسؤولين بالمملكة ولا سيما مع رئيس الجمهورية، الأمر الذي يؤشر إلى رغبة حقيقية في نقل العلاقات اللبنانية السعودية إلى مرحلة جديدة لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين وبما يفيد لبنان واللبنانيين، أطلق الأمين العام لحزب الله سيل اتهاماته لدول الخليج بالتحريض والتواطؤ في الضربة التي تعرّضت لها سوريا، وكأن المقصود فيما يحصل، إبقاء العلاقات اللبنانية - السعودية متوترة وغير سليمة أو حتى غير قابلة للترميم من جديد، وذلك استجابة لرغبة إيرانية ترفض تطبيع العلاقات بين لبنان والمملكة ما دامت العلاقات السعودية - الإيرانية متدهورة.
ولكن بالرغم من كل ذلك، وكل سلبيات وتداعيات مواقف الأمين العام لحزب الله ضد دول الخليج وفي كل إطلالة يقوم بها، تبين فيما لا يدع مجالاً للشك ان التزام لبنان سياسة النأي بالنفس جنبته الدخول في متاهات الأزمة السورية الملتهبة وأبعدت عنه مؤثرات الضربة العسكرية التي تعرّضت لها المواقع العسكرية السورية منذ أيام، في حين ان تطبيع العلاقات اللبنانية - السعودية سيتجاوز كل محاولات إعادة هذه العلاقات إلى الوراء.