بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 كانون الأول 2017 12:57ص مرحلة تعايش قسري تحكم علاقات الأطراف ببعضها لحين موعد الإنتخابات النيابية

«حزب الله» يترقّب مسار الأزمة السورية ويطبِّق قرار النأي بالنفس حسب مصالحه

حجم الخط
يُلاحظ أنه وبعد أسبوع على عودة رئيس الحكومة عن استقالته وإعادة تعويم الحكومة من جديد على أساس التزام جميع مكوناتها بمن فيهم «حزب الله» بقرار النأي بالنفس، يبدو الحزب كعادته لا يلتزم بما تمّ الاتفاق عليه ويطبق القرار على هواه وبناء لمصالحه وارتباطاته بإيران، كما فعل سابقاً بتفاهم بعبدا وقبلها بقرارات الحوار الوطني والعديد من الوعود التي بقيت حبراً على ورق.
ولذلك، لم يكن من باب الصدفة أن يستغل الأمين العام للحزب حسن نصرالله اطلالته التلفزيونية على التظاهرة التي نظمها الحزب بالضاحية الجنوبية لدعم الفلسطينيين في قضية القدس للتهجم على المملكة العربية السعودية كعادته وقبلها بأيام معدودة تمّ نشر شريط زيارة زعيم ميليشيا عصائب «أهل الحق» العراقي قيس الخزعلي إلى الشريط الحدودي جنوباً، بل يستدل من هاتين الواقعتين أن توقيتها كان مدروساً ولم يكن عشوائياً ولإرسال الرسائل نحو الداخل والخارج على حدّ سواء ولإعطاء إنطباع بأن تحركات الحزب وتوجهاته هي خارج التفاهمات اللفظية والمكتوبة بالرغم من كل الاعتراضات والاحتجاجات من هنا أو هناك أو ما يُمكن أن يترتب على لبنان من تداعيات وأضرار جرّاء عدم التزام الحزب بقرار النأي بالنفس.
وإذا كان من الصعب إعادة طرح الوضع الحكومي حالياً بعد أزمة استقالة الرئيس الحريري التي استمرت شهراً كاملاً ومع إمعان «حزب الله» بخرق قرار النأي بالنفس بممارسات من هنا وخرق للانظمة والقوانين واستهداف الدول العربية المناهضة للنظام الإيراني وارتكاباته من هناك، يحاول «حزب الله» من خلال كل ذلك إرغام خصومه وحتى بعض حلفائه على القبول ضمناً بالأمر الواقع الذي يفرضه وبالتالي التعايش معه في المرحلة المنظورة على هذا الأساس، وحتى حلول موعد الانتخابات النيابية المقبلة على الأقل باعتبار ان هناك مصلحة للجميع للتعايش مع بعضهم البعض ضمن هذا الواقع المتناقض في ظل غياب أي قوة سياسية فاعلة توقف مثل هذه الممارسات السلبية المسيئة لمصالح لبنان واللبنانيين تحت أي شعار أو مبرر يتم التسويق لها وتعيد الانتظام السياسي العام لمسيرة الدولة تحت سقف الدستور والقانون.
ويخشى أن يؤدي تكرار مثل هذه الممارسات والتحركات السلبية لحزب الله في أكثر من موقع ومكان إلى تردي في علاقات مكونات الحكومة بعضها ببعض، الأمر الذي يؤدي حكماً الى تباطؤ مسيرة العمل الحكومي وتأخر إقرار المشاريع والملفات الضرورية والحيوية التي يحتاجها النّاس والتي لم تعد تحتمل أي تأخير أو مماطلة للبت فيها ووضعها موضع التنفيذ الفعلي نظراً للحاجة الماسة إليها.
ومع ان بعض السياسيين يعتبر ان ما يحصل من ممارسات وتصرفات يقوم بها «حزب الله» ترتبط بأبعاد خارجية أكثر مما هي داخلية لا سيما مع تسارع التحركات الدولية على أكثر من صعيد لإطفاء نيران الحرب السورية والعراقية، يدعو إلى التعاطي بحذر ومسؤولية شديدة لتبيان مؤثرات ونتائج الجهود المبذولة وانعكاساتها، باعتبار ان أي تطوّر في هذا الخصوص، اكان سلبياً أو ايجابياً ستنسحب نتائجه على وضعية الحزب كونه أحد الأطراف المشاركين بالحرب السورية منذ سنوات، ولذلك يتهيب الحزب هذه النتائج ويعمل ما في وسعه للتموضع بالداخل اللبناني ومحاولته إعادة تظهير وضعيته السابقة كحركة مقاومة للعدو الإسرائيلي، ولكن هذا يتطلب إزالة كل ما علق بالحزب من رواسب الحروب المذهبية التي خاضها بالخارج وأصبحت تغطي سمعته وتشوه صورته بالكامل.
ويلاحظ هؤلاء السياسيون ان ما حصل خلال الاسبوع المنصرم على الحدود الجنوبية وتهجم نصر الله على السعودية بالأمس لم يسبب الحرج لرئيس الحكومة وخصوم «حزب الله» السياسيين فقط، بل أصاب أيضاً حلفاء الحزب وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية وفريقه السياسي وآخرين وإن كانوا لم يصدروا أي مواقف علنية تعبّر عن هذا الحرج ورفضهم لمثل هذه التصرفات المسيئة التي يتم التعاطي معها باتصالات غير معلنة وبروية لتفادي تأثيراتها السلبية على مسيرة العهد وانطلاقته التي تعثرت بفعل أزمة استقالة الحكومة وتداعياتها، والسعي قدر الإمكان لعدم تكرار مثل هذه التصرفات السلبية المسيئة.
ويستخلص من وقائع الأسبوع الأوّل للعودة عن استقالة الحكومة وما تخلله من ظواهر سلبية مسيئة لشعار وقرار الحكومة بالنأي بالنفس ان هناك مرحلة من التعايش القسري المفروض على الجميع ولا بدّ من تمريرها بأقل ضرر ممكن في إطار الحفاظ على الاستقرار وتوفير مسلتزمات عيش النّاس، ريثما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مسار إطفاء لهيب الحرب السورية أولاً وتأثيره على لبنان ككل.