بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 آب 2020 07:24ص مطالبة باجتماع للقيادات السنية رفضاً لتجاوز الدستور وتهميش دور الطائفة

أي منطق دستوري في مشاورات تأليف حكومة تتولاها القوى السياسية دون إجراء الاستشارات الملزمة؟

الرئيسان عون وبري الرئيسان عون وبري
حجم الخط
يتصاعد الغضب والاستياء على نحو غير مسبوق لدى مكونات الطائفة السنية السياسية والروحية، جراء عدم تحديد رئاسة الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية الملزمة التي يفترض أن يجريها الرئيس ميشال عون، بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، وفقاً لأحكام المادة 53 من الدستور. وهو الأمر الذي يتكرر للمرة الثانية، دون أي تفسير منطقي يبرر هذا التأخير في إجراء هذه الاستشارات، سوى ما ينقل عن أوساط مقربة من عون أن الغاية من هذا التأخير، تهيئة الأجواء أمام ولادة الحكومة الجديدة، في وقت تعتبر أوساط دستورية، أن «عدم تحديد موعد للاستشارات الملزمة، يشكل مخالفة صريحة للدستور الذي يقول بوجوب تحديد موعد لهذه الاستشارات بعد استقالة الحكومة، وبالتالي فإن كل ما يتصل بمشاورات تأليف الحكومة، يجب أن يحصل بعد تسمية الرئيس المكلف الذي يحظى بأصوات الغالبية النيابية». في حين أن مصادر نيابية بارزة تعتبر أن هذا التأخير الذي يحصل للمرة الثانية في هذا العهد الذي لم يسبقه على هذه الفعلة أي عهد، يشكل استهانة بمكون أساسي من الشعب اللبناني لا يمكن السكوت عنها، مشددة على أن «الاستخفاف بحقوق الطائفة السنية التي ينص عليها الدستور، أمر في غاية الخطورة لن يمر بهذه السهولة. وبالتالي فإن أركان هذه الطائفة، الروحيون والزمنيون، مدعوون إلى عقد اجتماع موسع، للبحث في تداعيات هذه المخالفة الدستورية الجسيمة التي تقترفها الرئاسة الأولى، وتالياً اتخاذ الموقف الذي يتناسب مع حجم هذا الاستهتار غير المبرر لطريقة التعاطي مع حقوق الطائفة السياسية».

وتشدد المصادر النيابية، على أن «الشخصية التي ستكلف تشكيل الحكومة، يجب أن تكون معبرة عن رأي الغالبية العظمى في الطائفة، انطلاقاً من كونها الأقوى والأكثر تمثيلاً، قياساً إلى نتائج الانتخابات النيابية، على ما يتشدق به الآخرون، من أن ممثل كل طائفة في باقي الرئاسات يجب أن يكون الأقوى في طائفته. وعليه فإن الطائفة السنية هي التي يجب أن تختار رئيس الحكومة الجديد، لا أن يقوم الآخرون باختياره وفرضه على طائفته. على ما حصل لدى تشكيل الحكومة المستقيلة»، محذرة من أن «استمرار هذا الأسلوب في التعاطي يضرب بقوة منطق الشراكة الوطنية، ويعرضها لاهتزاز كبير لا يمكن التكهن بنتائجه التي لن تكون في مصلحة أي طرف. وهذا يتطلب من العقلاء في البلد مراعاة هذا الجانب وعدم المقامرة بمصير التوازنات الداخلية والطائفية، بالنظر إلى انعكاساتها بالغة السلبية على الاستقرار الداخلي والوحدة الوطنية».

وليس أدل على هذا الاستهتار في عملية تأليف الحكومة، سوى عودة البعض في السلطة إلى وضع الشروط والشروط المضادة، واستخدام الفيتوات المتبادلة على هذا الاسم أو ذاك من المرشحين للمشاركة في الحكومة. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هؤلاء المعرقلين لولادة الحكومة لم يتعظوا من كل ما جرى، وما زالوا مصرين على اتباع السياسة نفسها التي أغرقت البلد وأحرقته. وإذا كان الأشقاء العرب والأصدقاء قد هبوا لمساعدة لبنان بعد كارثة انفجار المرفأ، فإن بعض اللبنانيين ما برح أسير شهواته ومصالحه، وهو لا يريد أن يتعاطى بإيجابية مع كل الدعوات الداخلية والخارجية من أجل تسهيل التأليف، والكف عن وضع الشروط التي لن تساعد مطلقاً على ولادة الحكومة إذا بقيت المواقف على حالها، لا قبل آخر الجاري، ولا حتى قبل آخر السنة. ويظهر بوضوح أن الفريق الذي عطل عمليات تأليف الحكومات السابقة أشهراً، لن يتورع عن عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة لفترة طويلة، إذا لم يحصل على مبتغاه.

وقد بدا من خلال المشاورات التي شهدها الأسبوع الماضي، في ما يتصل بتأليف الحكومة التي لم يسم بعد الرئيس المكلف الذي سيقوم بتأليفها، أن الطريق لا تزال وعرة أمامها، حيث أن كل طرف على مواقفه، وخاصة «التيار الوطني الحر» الذي يمعن في وضع الشروط، بالرغم من التنازلات التي قدمها الآخرون، وهذا يؤكد أن الأمور معقدة، ولا شيء يوحي بإمكانية أن تبصر الحكومة النور في وقت قريب، ما يدل بوضوح على أن المعاناة مستمرة، وبالتالي لا يمكن التكهن بالمسار الذي ستسلكه الأمور في المرحلة المقبلة، على صعيد عملية التأليف، في وقت يؤكد القريبون من رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، أنه ثابت على مواقفه، ولن يترأس إلا حكومة مستقلين لا تضم أياً من السياسيين، هدفها الأساسي إجراء الإصلاحات.

وفي الإطار، تشدد أوساط «القوات اللبنانية» لـ«اللواء»، على أن «نجاح أي حكومة بتحقيق الإصلاحات المطلوبة من أجل تسهيل المساعدات الدولية أو غيرها، مستحيل في ظل إمساك الثامن من آذار بالسلطة. ولذلك فإن لا فائدة من البحث في عملية التكليف والتأليف، طالما أن هذا الفريق ممسك بمفاصل السلطة»، مشيرة إلى أنه «وانطلاقاً مما تقدم، طالبت القوات بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، تمهيداً لتشكيل حكومة لا يكون لهذا الفريق أي تأثير عليها. لكن في حال كان لا بد من تشكيل حكومة، فلتكن لمرحلة انتقالية، وألا يكون أي تأثير على طريقة تأليفها، وعلى اختيار وزرائها وتوزيع حقائبها من قبل فريق الثامن من آذار. أي أن تكون حكومة مستقلة تماماً، وضمن برنامج واضح المعالم تتعهد في بنده الأول، تقصير ولاية مجلس النواب. وكل كلام خلاف ذلك هو مضيعة للوقت، وتغطية لهذا الفريق. وبالتالي من الأفضل ترك هذا الفريق يدبر شؤونه بنفسه، طالما أوصل البلد إلى الانهيار، ولا يمكن إخراجه من هذا الانهيار في ظل إمساكه بالسلطة».

وتشير الأوساط، إلى أن «القوات تشترط أن تكون الأولوية للبرنامج الذي يحمله الرئيس المكلف، في إطار السعي لإخراج لبنان من أزمته. وإن كانت التجربة دلت بوضوح، على أنه لا يمكن لأي رئيس مكلف أن يتمكن من إخراج لبنان من أزمته، في ظل بقاء الفريق الآخر متحكماً بالبلد. ولذلك فإن أولوية القوات، تركز على التأليف وليس على التكليف، بمعنى أن تكون الحكومة العتيدة، حكومة ببرنامج عمل واضح المعالم، وألا يسمح الرئيس المكلف للفريق الحاكم والمتحكم بأي تأثير على الحكومة المقبلة».