بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 آب 2020 12:02ص «معاً لإنقاذ الوطن» يجمع المُنتفضين: حكومة الثورة مُقبلة

حجم الخط
لعل المهمة الأصعب اليوم التي تواجه الانتفاضة الشعبية تتمثل في افتقاد معظم مجموعاتها للخبرة السياسية والادارية في مواجهة منظومة سلطوية ضاربة في الزمن ومهيمنة، ماليا ومصلحيا وعقائديا، على شرائح شعبية لا يستهان بها في لبنان.

ذلك ان مجموعات الانتفاضة لا يزال أمامها زمن طويل لكي تتمرَّس في العمل وتنظيم الذات رغم انها حققت حتى الآن الكثير من الانجازات قبل أقل من عام على انطلاقتها في مهمتها بالغة الصعوبة.

لطالما وُجهت الانتقادات الى الانتفاضة حول عدم توحيد الجهد والخروج ببرنامج موحد والكشف عن قيادييها المرشحين للحلول مكان الطبقة السياسية الحالية. وهو ما شرع القيمون على «الثورة» منذ الاسابيع الاولى لحله عبر تشكيل مجلس للانتفاضة أو حكومة ظل أو مجلس نواب مؤقت وغيرها من الأطر التي يمكن للمنتفضين العمل التنظيمي من خلالها والتحضير لاستحقاق الانتخابات النيابية.

اللقاء الأوسع 

وكان آخر تلك المحاولات ما قام به تجمع «معا لإنقاذ الوطن» الذي تنضوي في إطاره 161 مجموعة من أقصى اليسار الى أقصى اليمين ومن مختلف توجهات الشارع عبر لقاء هو الأكبر حتى الآن.

يحاول هذا التجمع تنظيم النفس وإلتقاط أنفاس الانتفاضة في مرحلة هامة من تاريخها. ويقول الدكتور عادل الأدرع إنه مشروع «إنطلقنا فيه منذ نحو شهرين من شباب مستقلين وشرعنا في لقاءات للإجابة على سؤال: ماذا تريد الثورة بعد إسقاط حكومة الرئيس حسان دياب». وتعددت الأسئلة: هل نسمي رئيسا للحكومة على أن يسمي هو أعضاءها؟ أم نسمي الجميع؟ أم نضع معايير بمطالبنا؟ أو نقول ما اذا كنا نريد حكومة مستقلين من الثورة؟

وقد شرع اللقاء في وضع بيان عام للمجموعات كافة جاء في إطار مسودته لإطلاق صرخة إلى صنّاع القرار في أعلى المحافل الدولية ناهيك عن منظومة سلطة الطوائف في البلاد التي أوصلتها الى ما هي عليه. ومؤدى النداء المطالبة «ببناء وطنٍ جديد على أسس المواطنة الصحيحة والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون واحترام الدستور، وطن آمن سيد حر مستقل منفتح على محيطه، يقوم على نبذ الطائفية والمحاصصة والزبائنية والمحسوبية والتبعية».

طبعا، لم يكن في الامكان مقاربة القضايا الكبرى من دون «تحميل المسؤولية عن كارثة هيروشيما بيروت للمنظومة السياسية الأمنية القضائية التي تتحكم بلبنان الدولة والشعب منذ ثلاثة عقود»، من دون القبول «بأعذار تخفيفية لأي طرف من الأطراف السياسية المشكّلة لهذه المنظومة الحاكمة بكل مؤسساتها الحزبية والبرلمانية والحكومية والقضائية وأجهزتها الأمنية والعسكرية والإدارية».

وأكدت المسودة «عدم ثقتنا بالسلطة والأجهزة المحلية التي تتولى التحقيق في جريمة الإبادة الجماعية التي وقعت في مرفأ بيروت»، واعتبرت أن «إستقالة حكومة الدمى والأقنعة لا تعني تحميلها لوحدها مسؤولية كل الخراب الحاصل، بل إن المساءلة والمحاسبة والمحاكمة يجب أن تشمل كل المسؤولين في المنظومة السياسية، وكل من تولى شأناً عاماً منذ ثلاثين عاماً حتى اليوم».

وفي خضم البحث عن تشكيل حكومة جديدة، شدد البيان على المجتمع الدولي «برفض إعادة تعويم المنظومة السلطوية الحالية، سواءً من حيث دعمه لأية شخصية سياسية أو لأي تيار حزبي، أو من حيث الضغط لتشكيل حكومات الوحدة الوطنية التي كانت طوال السنوات الماضية مجرد غطاء للفساد والنهب والمحاصصة». 

إستقالة عون والمجلس النيابي

وبالنسبة الى اللقاء، فإن على المجتمع الدولي دعم تشكيل حكومةٍ إنقاذية مستقلة بالكامل بصلاحيات تشريعية استثنائية توحي بالثقة للداخل وللخارج، وتكون برئيسها وأعضائها من الشخصيات الوطنية المنبثقة من رحم الثورة وساحاتها ونضالاتها، وتتوفر فيها معايير الشجاعة والكفاءة ونظافة الكف والسمعة الطيبة والحرص على المصلحة الوطنية  العليا وعدم الارتهان للخارج».

لا بل ذهب التجمع الى المطالبة بإستقالة رئيس الجمهورية والمجلس النيابي، على أن تتم الدعوة إلى إجراء انتخابات نزيهة مُمَكننة ومبكرة أو في وقتها بأقصى حد، على أساس قانون عصري يؤسس الى دولة مدنية  ديموقراطية حديثة تحت إشراف دولي.

كما ألحق هؤلاء تلك المطالب بنداء لإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة كبار المسؤولين عن الفساد المرتكب، ولاسترداد الأموال المنهوبة، محكمة تقودها فرق متخصصة بالجرائم المالية وكشف عمليات الفساد.

خلافات تنظيمية.. ومبدئية

التجمع الذي أعلن حالة الاستنفار الدائم، ورغم دعوته الى تأمين مظلة وطنية جامعة تحمي من الإختلاف والتشرذم والتنافس غير الشريف، الا أن خلافات شابته بين غالبية وافقت على هذا البيان وأقلية رفضته كونها لم تُستشر به ما أدى الى خلافات ظهرت في اللقاء الاخير الإثنين الماضي الذي جمع كل تلك القوى. 

لا يتهرب الأقرع من أخطاء شابت العمل في آلية إدارة الجلسة والحوار، لكنه يطالب بالتركيز على النصف الملآن من الكوب، مشيرا الى أنه من أصل 340 شخصا حضر اللقاء في «بيبلوس بالاس» في جبيل بعد ضغوطات منعت عقده في بيروت وفي أكثر، كانت الغالبية الساحقة مع مسار اللقاء والتي خرجت بتأييد حكومة مستقلين يوافق عليها الثوار. إلا أن بعض تلك الخلافات صبت في مضمون الصراعات القائمة في البلد وأهمها كيفية مقاربة مسألة السلاح والقرارات الدولية التي لم تأتِ مسودة البيان على ذكرها كما اشارت بعض المجموعات. 

وبينما يشير الأقرع الى أن مسودة البيان كان يجب ان تصدر وتتعلق بمضمون الجلسة، جاءت المسودة لتتحدث عن برنامج سياسي ما ادى الى ردة فعل. وإذ يلفت النظر الى بعض الذين حضروا للتشويش على اللقاء وآخرين كان لهم اعتراضات سياسية، يشدد على ان لجنة متابعة شكلت لأخذ الملاحظات التي طرحت في عين الاعتبار والتي من المقرر أن يتم إعلانها في مؤتمر صحافي مقبل. 

ويوضح أن الفترة المقبلة ستشهد اتخاذ قرارا من قبل المجموعات كافة لطرح إسم لرئيس حكومة أو للوزراء لعرضها أمام الراي العام، إضافة الى عقد لقاء يضم المستقلين في الانتفاضة.

وفي الوقت الذي شرع فيه القيمون على اللقاء في اجتماعات متتالية لتقييم العمل وتصحيح الأخطاء لصياغة ورقة تفاهم موحدة بعد أن سقط سهواً اسم البعض، يبدو أن المرحلة المقبلة ستحفل بلقاءات من هذا النوع بينما سيكون على المنتفضين تنظيم الذات والعودة بزخم الى الشارع.