بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 أيار 2018 10:19ص معارضة قوية لقيام حكومة على شاكلة الحكومة المستقيلة

شبح الفيتوات المتبادلة بين الكتل قد يعطل تشكيل الحكومة

حجم الخط

تدل مواقف «التيار الوطني الحر» انه يريد الاستئثار  بكامل حصة المسيحيين في الحكومة بإصراره على حصة الرئيس

لم تثن الشروط والشروط المضادة التي وضعتها الكتل النيابية، الرئيس المكلف تشكيل الحكومة عن تفاؤله بإمكانية تذليل كل العقبات، بحيث تبصر حكومته النور خلال فترة زمنية معقولة لا تؤثر على سمعة لبنان تجاه الدول التي عبّرت، في أكثر من مناسبة، عن حرصها على استقرار لبنان السياسي والأمني، وحثت المسؤولين على تجنّب الوقوع في الأفخاخ التي تعرضه للمخاطر في ظل الأجواء المحمومة التي يعيشها الإقليم.
ومن الواضح، حسب المتابعين لمسار عملية التأليف الحكومي ان الرئيس المكلف يبني تفاؤله هذا على أمرين أساسيين بعيداً عن شهوة الاستيزار التي تتحكم بالكتل النيابية والأحزاب التي ترعاها وهي:
أولاً - وجود رغبة عند الجميع بضرورة الإسراع في تأليف الحكومة لكي يتمكن لبنان من مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية التي باتت تشد الخناق على الدولة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية استجابة منه للمجتمع الدولي الذي يبدى حرصاً على مساعدة لبنان شرط انتظام مؤسساته الدستورية بعد اعادة هيكلتها وإدخال الإصلاحات الضرورية على بنية المؤسسات الرسمية من وقف الهدر ومحاربة الفساد واستتباب الأمن كما جاء على لسان معظم الذين شاركوا في مؤتمر سادر الذي خصص لدعم لبنان.
ثانياً - إبداء كل القوى السياسية داخل مجلس النواب وخارجه رغبتها في ان تكون الحكومة العتيدة على غرار الحكومة المستقيلة، بحيث تضم كل الأفرقاء الراغبين في العمل من أجل الانقاذ، وإقرار الإصلاحات الضرورية التي تمكن لبنان من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بحكومة وفاق وطني يلتزم بها الجميع.
وغداة الانتهاء من المشاورات النيابية جدد الرئيس المكلف عزمه على تشكيل حكومة مشابهة للحكومة المستقيلة، الأمر الذي ترك شكوكاً عند فريق من الكتل النيابية كالقوات اللبنانية واللقاء الديمقراطي من أن يكون الرئيس المكلف قرّر السير في الطريق نفسه الذي اختاره عندما قبل بحكومته المستقيلة، بحيث استأثر تحالف «التيار الوطني الحر» والثنائي الشيعي بأكثرية المقاعد الحكومية أي 17 وزيراً من أصل ثلاثين وزيراً، واستأثروا من خلال هذه الغلبة بكل قرارات مجلس الوزراء التي تمّ اتخاذها على مدى السنة والنصف التي امضتها تلك الحكومة في السلطة، وليس آخرها قانون الانتخابات الذي وضع لخدمة التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي، كما أثبتت الانتخابات النيابية الأخيرة حيث أدت الى إحداث تغيير كبير في المبادلة السياسية وباتت المبادرة في يد هذا التحالف من خلال حصوله على الأكثرية المطلقة داخل مجلس النواب.
وتدل كل المواقف التي أطلقها رئيس ونواب التيار الوطني الحر سواء قبل استشارات التكليف وبعدها إلى انه يريد الاستئثار بكامل حصة المسيحيين في الحكومة باصراره على إعطاء رئيس الجمهورية خلافاً لاتفاق الطائف حصة وازنة في الحكومة العتيدة، بالإضافة إلى حصته التي يقيسها بعدد نواب تكتل لبنان القوى والتي يفترض بأنها يجب ان لا تقل عن ستة نواب، وبذلك يكون التيار بالتحالف مع الثنائي الشيعي قد استأثر مرّة جديدة بغالبية المقاعد الوزارية داخل الحكومة العتيدة، بما يُمكنه من فرض شروطه على مجلس الوزراء فضلاً عن تمرير القرارات والمشاريع التي تخدم مصالحه السياسية وفق ما يدأب رئيس التيار الوطني الحر على التلميح إليه في كل مناسبة يسأل فيها عن حصة التيار في الحكومة العتيدة.
وبات من الثابت على حدّ ما ترى الأوساط السياسية المتابعة لحركة المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف انه ميال إلى الأخذ بوجهة نظر التيار الوطني في تشكيل الحكومة العتيدة، ان لجهة إعطاء التيار الحصة الوازنة فيها وان لجهة المحافظة على حصة رئيس الجمهورية التي حصل عليها في الحكومة المستقيلة وهذا من شأنه ان يؤدي إلى إبعاد القوات اللبنانية عن الحكومة، ووضعها مع حزب الكتائب وربما مع اللقاء الديمقراطي في جبهة المعارضة، وتؤكد التصريحات التي أطلقها الحريري من القصر الجمهوري بعد اطلاعه رئيس الجمهورية على حصيلة المشاورات النيابية التي أجراها يوم الاثنين الماضي على أنه مع إعطاء رئيس الجمهورية خلافاً للميثاقية وللدستور ولوثيقة الوفاق الوطني حصة وازنة في الحكومة العتيدة تمكنه مع وزراء التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي ومن سيفوز من قوى 8 آذار من التحكم بكل القرارات التي يُمكن أن تتخذ في مجلس الوزراء على أن تكون له، كرئيس حكومة، حصة أيضاً غير الحصة التي ستخصص لتيار المستقبل.
هذا المشهد غداة الانتهاء من مشاورات التأليف يترك انطباعاً عاماً عند الأوساط السياسية بأن رحلة التأليف لن تكون سهلة كما يريدها الرئيس المكلف وان دونها الكثير من العقبات والمطبات.