بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 تشرين الثاني 2019 05:51م ملحم خلف الإنسان

حجم الخط
ما إن صدرت نتائج انتخابات نقابة المحامين بعد ظهر هذا اليوم حتى تعالت صرخات الفرح على أوجه المحامين لانتخاب نقيبهم الذي لا يحمل أي بطاقة حزبية ولم يسبق له تجييش مناصريه في مآرب حزبية ضيقة. تناولت صفحات التواصل الاجتماعي هذا الخبر ولكنها لم تتكلم عن صفات النقيب الجديد التي يتحلى بها في التواضع الجم وخدمة الناس جميعاً على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم. حين التقيت به لأول مرة كنت أشغل وقتها منصب مدير عام دار الفتوى، حدثني عن مشروعه في إعادة تأهيل السجون في طرابلس وما يقوم به هو ومجموعته في تنفيذ هذا المشروع. لا أخفي شعوري وقتها بأن ما يقوم به ملحم خلف كمن يحاول العثور على إبرة في كومة قش ليخيط بها ثوب ممزق ومرقع. ولكنه أبهرني بعد ذلك لماحققه من إعادة تأهيل لهذه السجون ولغيرها من مبان أخرى تخدم الفقراء والمحرومين والمعوزين، على أمل أن توقظ ضمير الراقدين في سبات عميق من المسؤولين والأغنياء والسياسيين.

في كل مرة كانت تمتد يد الاجرام والإرهاب لتقتل وتفجر وتنسف المباني السكنية والمواقع الدينية كان هو المبادر الأول في إعادة اعمار المباني المهدمة كما حصل في مسجدي التقوى والسلام في طرابلس وما حدث في الأشرفية وفي كل المناطق الأخرى. لم يكن ملحم خلف قائد المجموعة وملهمها ومنظرها بقدر ما كان المشمر الأول عن ساعديه ليساهم مع مجموعته الطلابية في كل أعمال التشيد والبناء والإصلاح والترميم.

في اوقات السلام والوئام لا داعي لأن تبحث عنه بين صفوف الرسميين والمتأنقين والمتهافتين "والمتعطرين" على المقاعد الامامية، بل ستشاهده بثياب العمل غير المكوية بعرقه وخفته وتنقله بين الأروقة والصفوف حتى ينجح عمله فيطمأن باله ويرتاح ضميره.

في شهر آذار كان ملحم خلف يقف بجانبنا لتنظيم احتفالات عيد البشارة الوطني لسيدتنا مريم عليها السلام، وكان يجمع رجال الدين من كل الطوائف لإلقاء الدعاء المشترك في ختام احتفالياتنا في الخامس والعشرين من آذار في كل سنة.

عندما يقترب شهر نيسان كان ملحم لا ينام قرير العين فذكرى الحرب الأهلية تأرقه، فيقوم بالإتصال بالمجموعات والأفراد لتنظيم احتفالات الذكرى الأليمة على درج المتحف، يكتب نصاً، يسمع شعراً، يصيغ دعاء حتى يجنبنا الله من شر هذه الحرب التي فرقت اللبنانيين وقتلت منهم وهجرت الكثير خارج لبنان.

مبارك لنا هذا النصر بانتخاب ملحم خلف نقيباً محايداً ونزيهاً للمحامين.