بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تشرين الثاني 2019 12:02ص من الإنتفاضة إلى العصيان المدني؟!

حجم الخط
ما زالت موجة الغضب الشعبي تتعاظم ككرة ثلج هادرة منذ اندلاعها في ١٧ تشرين الاوّل جراء الأزمات المزمنة والوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي. وقد أضحت مطالب الانتفاضة الشعبيّة واضحة، وهي التي هتفت بها الساحات كافّة على امتداد الوطن. 

لكن نشطاء الانتفاضة الشّعبيّة يشعرون أن ساسة العهد وحلفاؤهم ما زالوا يُكابرون في تنفيذ الحلول العملية للأزمة الراهنة بسبب قلّة التدبير والحكمة والتّعنُّت، لا سيّما التباطؤ في الدعوة إلى اجراء استشارات نيابية ملزمة، لتكليف شخصية سياسية أو غير سياسية تشكيل الحكومة الجديدة، بحجّة اجراء مفاوضات قبل الاستشارات، وسط تحذير داخلي ودولي من المماطلة في تأليف الحكومة الجديدة كرمى حسابات سياسيّة ضيّقة على حساب مصلحة الوطن. 

وفي ظلّ التجاهل والتهويل والوعيد والتخوين الممارس في وجه المواطنين الذين يئنون تحت وطأة الفقر ‏والوجع والقهر والذل، والانقسامات السياسية والمزايدات، ودخول موجات الطابور الخامس، واستخدام الشارع مُقابل الشارع الآخر لدعم العهد، ومساعي السُّلطة لفتح الطرقات وإخلاء الساحات بالقوّة... الخ. 

أمام كل هذه المساعي لإجهِاض الانتفاضة قبل أن تعطي ثماراً وافية، بدأ الشارع يُطالب بإعلان حالة عصيانٍ مدنيٍّ كسبيلٍ لتصويب الأمور، وهي وسيلة سلمية في شقّيها الإداري والمالي، لفرض التّنازلات المرجوّة على الطبقة الحاكمة. 

الشق الإداري من العصيان يكون بمقاطعة أعمال الدولة وشلّ العمل في الإدارات عبر التوجّه إلى وزارة المالية ودوائرها ومصرف لبنان، ومؤسسات الكهرباء ومراكز الهاتف، وغيرها من المرافِق العامّة، ما يعني توقفاً تدريجياً في وزارات الدولة ومرافقها للتأكيد على الاتجاه التصعيدي للحراك. 

أما الشقّ المالي منها فهو معني بتوقّف الشعب اللبناني عن دفعِ الضرائب والرسوم وكلفة الخدمات التي تُثقل كاهله في غياب خدمات فعليّة تقدّمها الدولة في المُقابل. ومن شأن هذا التدبير ان يُضعف دخل الخزينة المعرّض اساساً للسرقات والنهب والهدر.

لن تساوم الانتفاضة، التي أجبرت الحكومة على الاستقالة، على نضالها وتعبها ولن تقبل بسرقة إنجازاتها وإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل ١٧ تشرين الأول، وهي بصدد تصعيد تحرّكها بدعوة اللبنانيين الى العصيان المدني السلميّ، إضافةً الى استهداف مؤسسات ومصالح أفراد الطبقة الحاكمة، لتطويق السُّلطة الحاكمة والضغط عليها كي تنفّذ مطالب الشعب وتكفّ عن نهب مقدّرات البلد وانتهاكِ حقوق شعبه، والتعدّي على الشرعية والدستور والمجازفة بالوطن.. تمهيداً لتوليد البديل السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأفضل في مرحلة لاحقة.