بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 آب 2018 12:03ص من يربط التعقيد الحكومي بطموح رئاسي «حظُّه في السحاب وعقله في التراب»

ما سيسمعه الحريري من باسيل: معيار واحد ولا نريد التدخل بصلاحياتك

حجم الخط

يبتعد التيار الوطني الحر قدر الإمكان عن التعرّض للقوات فيما تنصرف قيادته إلى ترتيبات سياسية جديدة تتواءم والظروف المحيطة

كلّما لاحت بوادر إيجابية حكومية، إشتدّ عود الحملة التي يشنها، بلا هوادة، على جبران باسيل (شخصياً) مسؤولون في القوات اللبنانية محسوبون على القيادة.
يستمر هؤلاء في الترويج لما يسمّونه فصلا أو تمييزا بين ميشال عون وباسيل، ويعتبرون في الوقت عينه أن كل تحرك يقوم به وزير الخارجية آتٍ بخلفية رئاسية، ربطا بما يقولون انه طموح باسيلي للوراثة متى إنتهت الولاية الرئاسية (دستوريا أو لظرف قاهر)! ويسوقون لهذا الغرض مختلف الحجج ويتكئون على الكثير من التحليل والتمحيص، للإستنتاج بأن أمل الرجل في الرئاسة كمثل أمل إبليس في الجنة.
هذا التكرار الذي غالبا ما يأتي في سياق إبراز موقف القوات الداعم لعهد ميشال عون (حموّ جبران باسيل المتهّم بأنه ذراعه اليمنى والناطق بإسمه ورئيس الظل، وكذلك المتهم الرئيسي قواتياً بتخريب العهد إياه وبقيامه بما لا يرضى به عمّه وبالخروج عن عباءته والتغريد خارج السرب!)، ربما يرغبون فيه سعيا الى إحباط همة باسيل أو تبريدها، وربما للتأثير سلبا في جمهور التيار في سياق السعي الى عملية الإستقطاب السياسي – الحزبي (بمعنى وراثة القاعدة العونية) المماثل للتبشير الديني المحرّم وغير المرغوب فيه بين الكنائس، والذي دأبت فيه القوات اللبنانية منذ توقيعها إتفاق معراب، وربما على الأرجح لتحييد رئيس الجمهورية وتجريده من سلاحه الأمضى.
توسّلت القوات لهذا الإستقطاب التصويب على أداء وزراء التيار، وباسيل شخصيا من خلال الملفات التي سبق أن تولاها في وزارتي الإتصالات والطاقة، وإبراز ما تقول انه فساد موثّق في الكهرباء وتحجيم في التعيينات ونهم في المراكز الإدارية القيادية. وهي نجحت في هذا التسويق بفعل هذا التصويب، كما بفعل جنوح تيارين مفصولين أو مقالين الى التشفّي والإنتقام ممن كان السبب في خروجهم من جنّة الحكم (وزارة أو نيابة أو مركزا قياديا، لقاء نضال الأعوام).
في المقابل، يبتعد التيار الوطني الحر قدر الإمكان، بتوجيهات قيادية، عن التعرّض للقوات أو حتى عن الرد على الحملات، فيما تنصرف قيادته الى ترتيبات سياسية جديدة (على سبيل المثال، إعادة ما إنقطع مع نبيه بري) تتواءم والظروف المحيطة، من التفاهم الروسي – الأميركي الذي لا يزال يربك أطرافا لبنانية متضررة أو متصلة بمتضررين خارجيين، الى التطورات الميدانية السورية، مرورا بالتشكيل الحكومي العالق. ولا غرابة أن كل هذه المسائل متّصلة، بشكل أو بآخر، بإعادة التموضع السياسي التي يقوم بها سعد الحريري (طوعا أو قسرا لا فرق).
في جعبة قيادة التيار الكثير لتقوله، وتحديدا منذ اللقاء الباريسي قبل أسابيع الذي أفضى فيه أحد طرفيه بالكثير مما لا يقوله أو يمتنع عن قوله في بيروت، بدءا من الضغوط الخارجية التي يتعرّض لها، وليس إنتهاء بطلبه وساطة رئاسية فرنسية للتخفيف عنه، وهو ما تحقق له في الأسبوع الأخير عبر حراك تقوم به الديبلوماسية الفرنسية في بيروت وفي عواصم محيطة رغبة في الحد قدر الإمكان من تأثيرات تؤخر تشكيل الحكومة وتعوق الإنكباب على الإفادة من تعهدات مؤتمر سيدر وإلتزاماته الإصلاحية والتحديثية، كما قد تحدّ من القدرة على توظيف تفاهمات قمة هلسنكي، بما يخصّ لبنان بالطبع، أي على مستوى عودة الـ890 ألفا نازح، مع الإحتفاظ بحق المطالبة بالتعويضات المالية اللازمة نتيجة 7 أعوام من الخسائر التي تكبّدها الإقتصاد الوطني، ولا يزال!
في جعبة قيادة التيار أيضا، الكثير من المعطيات التي تسنى لجبران باسيل تحصيلها من لقاءاته الأخيرة في واشنطن مع مسؤولين في الإدارة الأميركية، والتي من شأنها تعزيز تلك الترتيبات السياسية الجديدة التي يعكف على تظهيرها.
الأولوية الراهنة هي مواصلة حضّ رئيس الحكومة على المبادرة، وتحديد المعيار الموحّد الذي من شأنه تذليل ما يُرسم من عقبات، مفتعلة على الأرجح، ولا تزال تحول دون أن يتقدّم الى رئيس الجمهورية بالتشكيلة الحكومية التي تحظى بموافقته ولاحقا بثقة المجلس النيابي.
أما الإجتماع فقائم في اللحظة التي يدعو اليها سعد الحريري. هو سيسمع ما معناه: نحن في التيار وفي تكتل لبنان القوي، هذه مطالبنا المتوافقة مع نتائج الإنتخابات النيابية وحجمنا التمثيلي. ونأمل أن يكون هذا هو المعيار في تحديد حصة باقي الأطراف، مع إنعدام رغبتنا في التدخل في التشكيل، إلا في ما يعنينا. أما الإستمرار في تحميلنا مسؤولية لا ناقة لنا فيها فأمر سنظل نقول أنه مردود وأنه يرمي فقط الى التعمية على مكان الخلل الحقيقي. نحن لا نية لدينا في التدخل في صلاحياتك الدستورية أو التداخل، ولا رغبة لدينا على الإطلاق في إستثارة طائفة، الأمر الذي يستميت لإفتعاله المتضررون والقائمون على فعل التعمية. أما من يصرّون على ربط التعقيدات الحكومية الحالية او أي تعقيدات أخرى بطموح رئاسي، فينسحب عليهم ما قيل يوما: «حظٌّ في السحاب وعقلٌ في التراب» للدلالة على من عظُم حظُّه وقلَّ عقلُه!