بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تشرين الثاني 2019 12:00ص من يوقف الخراب

حجم الخط
من سيّئ إلى أسوأ، تتدحرج الأوضاع الداخلية، وسط غياب أية حلول تخرج البلاد من عنق زجاجة الأزمة الخانقة، فرغم المطالبة الواسعة، بضرورة تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف من سيشكل حكومة جديدة خلفاً للحكومة التي استقالت تحت ضغط الشارع الثائر على ما آلت إليه الأوضاع من تردٍ أوصل البلد إلى حافة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي ناهيك عن الأمني الذي يدخل على الخط نتيجة طبيعية لهذا التردي، على رغم المطالبة الواسعة، لا يزال رئيس الجمهورية يتردد في تحديد موعد هذه الاستشارات، بانتظار الاتفاق المستحيل على شكل الحكومة الجديدة رغم يقينه بعبثية هذا الانتظار بعدما وصلت الاتصالات والمشاورات حوله إلى الحائط المسدود، نتيجة تمسك حزب الله وحركة أمل بحكومة تكنوسياسية توفّر التغطية للحزب ودعم رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر لهذا الأمر من جهة، ومن جهة ثانية تمسك الرئيس سعد الحريري وقوى الرابع عشر من آذار بحكومة اختصاصيين تتصدى بدعم كل القوى السياسية الفاعلة للمشكلات العالقة والتي ينطق بها ويرددها الشعب اللبناني منذ انطلاقة أول شرارة ثورته إلى المنظومة الحاكمة قبل أربعين يوماً.

الاحتقان السياسي وفي الشارع تجاوز كل الخطوط الحمر، وباتت البلاد على قاب قوسين أو أدنى من الانفجار الواسع وأبلغ دليل على ذلك ما حصل منتصف ليل أول من أمس، من عراضات وتعديلات وأعمال ترهيب، ذكرت اللبنانيين بأحداث السابع من أيار التي افتعلها حزب الله لإظهار فائض القوة عنده، ولكي يلقن الجميع درساً لا ينسونه، كان المشهد ليل أول من أمس سوريالياً إلى أبعد الحدود، وان لبس أولئك الذين أرسلوا إلى الساحات لباس العنف، لإرهاب الثورة السلمية بكل ما تعنيه هذه الكلمة، لإجبار الثوار على الخروج من الساحات، والتخلي عن كل المطالب التي رفعوها في وجه هذه المنظومة المتسلطة على الحكم والتي استباحت الدولة لتحقيق مصالحها الداخلية والإقليمية. إلا أن الثوار الذين يتمسكون بسلمية ثورتهم لم يخيفهم هذا الهجوم الذي أقل ما يقال فيه انه «بربري»، بقدر ما زادهم تصميماً وعناداً على المضي في الثورة إلى ان تحقق كل أهدافها وأول هذه الأهداف تشكيل حكومة من الاختصاصيين ذوي الخبرة والكفاءات ومشهود لهم بنظافة الكف تأخذ على عاتقها مسؤولية تحقيق الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي كشرط لا بدّ من توفيره لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته الاقتصادية والمالية والاجتماعية الخانقة على ان يلي ذلك اجراء انتخابات نيابية مبكرة على أساس قانون نسبي خارج القيد الطائفي يتيح للأكثرية الإتيان بأكثرية نيابية تستجيب لكل مطالبه من موقعه الديمقراطي كمصدر لكل السلطات.

ومن المؤسف، بل من المخزي، رغم هذه التطورات الدراماتيكية التي بلغت ذروتها ليل أول من أمس، أن رئيس الجمهورية لا يزال يتعاطى مع الوضع الاستثنائي الدقيق والخطير وكأن شيئاً لم يحدث وإن الأمور ما زالت بألف خير، ولا سيما على خط الحكومة حيث لا شيء يدل على انه بصدد توجيه الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة جديدة، بعد تكليف الرئيس الذي تسميه الأكثرية النيابية في هذه الاستشارات، الأمر الذي لا يترك أي مجال للشك بأن هناك نوايا غير نظيفة لإراقة مزيد من الدماء على الأرض، وربما للذهاب أبعد من ذلك بكثير كما أشّرت إليه «غزوة» مناصري حزب الله وحركة أمل للمناطق التي يحتشد فيها الثوار منذ أكثر من أربعين يوماً.