بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 كانون الثاني 2020 08:10ص منح الفرصة من أدبيات العمل السياسي

حجم الخط
لا غبار على أن طريق الحكومة الحالية غير مفروش بتاتاً بالورود والرياحين، إذ أن مهمتها تكمن بحل معضلات معيشية اقتصادية متشعبة و شائكة ما زالت تمعن بجلب الويلات و المآسي للأكثرية الشعبية القابعة تحت خط الفقر المدقع والعوز الشديد فضلاً عن ايجاد حل لملف النازحين السوريين وتأمين فرص العمل وحل معضلة استعادة الاموال المنهوبة. 

لكن بادئ ذي بدء فإن أهم ما يمكن أن تلجأ اليه الحكومة الجديدة هو خفض الضرائب على المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية والمحروقات واعادة الاملاك البحرية إلى كنف الشعب اللبناني. 

لكن العقبة الكبيرة تتجلى بمشكلة النازحين السوريين الذين ظلموا وعوملوا بعنصرية موجعة من قسط كبير من أبناء شعبنا أبى الالقاء باللائمة على أرباب العمل اللبناننين. وبما أن مسألة تواجد مئات الآلاف منهم على الأراضي اللبنانية مسألة سياسية اقليمية ودولية بحتة بامتياز، تعمدت الدول الاوروبية عدم استقبال النازحين إلى لبنان في ربوع بلدانها عقاباً منها له على عدم قبوله بصفقة القرن و باستثمار شركات أمريكية في مجالي النفط والغاز فيه مكان الشركات الروسية وبنزع سلاح حزب الله لاحداث زلزال معيشي هائل في لبنان حدث وأعقبته العقوبات الأمريكية على حزب الله، وساهم في حدوثه أيضاً سلوك أرباب العمل اللبناننين النرجسي الذي تمثل بصرف الموظف اللبناني الذي يتقاضى راتباً قوامه الحد الأدنى للأجور لقاء 8 ساعات عمل يوميا من عمله مقابل توظيف مواطن عربي نازح من بلد شقيق براتب قيمته 450000 ليرة لبنانية لقاء 12 ساعة عمل. 

من هنا يتوجب على الحكومة الشروع الفوري بتقليص اعداد العمال و الموظفين الاجانب لصالح اليد العاملة الوطنية عبر اقدام وزارة العمل اللبنانية على اصدار قرار يحدد نسبة معينة يتم بموجبها توظيف العمال و الموظفين الاجانب. 

أما المهم في الامر أنه في حال سارعت الحكومة الجديدة في تلبية جزء مقبول من المطالب المعيشية واعادته إلى أحضان الفقراء، وبقيت أعمال الشغب جارية على قدم وساق تحت عنوان لن نمنح الحكومة ولو فرصة واحدة، شعار سمعناه ونستمر في سماعه في أكثر من منطقة لبنانية، فمعنى ذلك أن أغلبية القيمين على الحراك يمكن أن يكونوا قد أعدوه ونظموه بدعم من جهات خارجية لأسباب سياسية تتعلق بالحرب على النفط والغاز اللبناني والعراقي بين موسكو وواشنطن، والسعي الروسي بالتفرد بتسليح الجيش اللبناني واقصاء واشنطن عن أمر تعتبره ملاذا آمناً لها اضافة إلى الرغبة في اضعاف حزب الله. ويذكر أنه بتاريخ 31/7/2017 كان مصرف فرنسبنك قد أنجز دراسة بناءً على تقديرات جهات دولية متخصصة في قطاع النفط والغاز في لبنان تحت عنوان هل أن لبنان دولة منتجة للنفط والغاز ؟ 

أشارت فيها إلى أن قيمة احتياطيات النفط تبلغ نحو 90 مليار دولار للفترة الممتدة بين عامي 2020 و 2039. وفي هذا الاطار كان موقع الخليج أونلاين قد أفاد بتاريخ 10 /11/2019 بأقوال سابقة للرئيس الامريكي دونالد ترامب عن النفط العراقي منها، نعم سأضع قوات أمريكية لحماية شركات النفط في العراق والمنتصر سيستولي على الغنائم سآخذ نفط العراق و كل ثرواته. 

والملفت في الامر أن ترامب نفسه كان قد عدل عن هذه الفكرة بعد أن أطلقت ايران صواريخ على قاعدتين عسكريّتين في العراق عقب اغتيال الجنرال قاسم سليماني يستخدمهما الجيش الامريكي، إلا أن وكالة بلومبرغ الأمريكية للأنباء انتقدته بتاريخ 14 كانون الثاني 2020 و قالت له، لا ياسيدي الرئيس إن أي عرقلة لامدادات النفط في الشرق الأوسط سترفع أسعار بيعه للمستهلكين في الولايات المتحدة الامريكية. 

وكان ترامب قد تحدث لأول مرة عن تأييده استيلاء واشنطن على نفط العراق في نيسان من العام 2011، عندما انتقد قرار الرئيس الاسبق باراك أوباما حينها بسحب القوات الامريكية من العراق بقوله لصحيفة وول ستريت جورنال، لو كنت مكان أوباما لكنت قد أخذت نفط العراق مخافة أن تأخذه ايران فيما بعد. 

ومن هنا نفهم دعم واشنطن للاحتجاجات الشعبية في العراق و لبنان. 

وفي المقابل فقد استعر الصراع على النفط العراقي بين القطبين الكبيرين عندما نشرت مجلة فورين بوليسي الاميركية بتاريخ 14/11/2019 تقريراً للصحفيين فيرا ميرونوفا و محمد حسين تحدثا فيه عن زيادة النفوذ الروسي في العراق و قالت المجلة إن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف قام بجولة في بغداد ثم في أربيل خلال الشهور الماضية و أوضحت أن غالبية المشاركين في الوفد هم من رجال الاعمال الروس بما فيهم ممثلين عن شركات النفط والغاز الروسية مثل غاز بروم – نفط، وروس نفط ولوك أويل وتكنو بروميكسبورت، وأردفت فورين بوليسي قائلة إن الشركات الروسية باتت حصتها في السوق الروسية كبيرة مع مرور الوقت وهي من ضمن الشركات التي تعمل في العراق ويذكر، أن شركة لوك اويل الروسية فازت في عام 2009 بأحد عقود النفط الاولى في عراق ما بعد الحرب، وهو مشروع تطوير غرب القرنة – 2 في البصرة وسيستمر العقد لمدة 25 عاما بهدف تحقيق انتاج 800000 برميل يوميا بحلول نهاية عام 2024. 

وبالعودة إلى لبنان فإن جزءاً من لبنان الرسمي يعول على علاقته الجيدة بسوريا لمواجهة الضغوط الاميركية و الاسرائيلية لاتمام خطوات استخراج ثرواته. وقد عبر الرئيس التنفيذي لأكبر شركات النفط الروسية «رووس نفط» ايغور سيتشتين بأن عقد تأهيل وتوسعة محطة تخزين منتجات نفطية في طرابلس شمال لبنان لمدة 20 سنة هو عقد بسيط مقارنة باهتمامات الشركة ومشاريعها، وقال انه يتطلع إلى توسيع التعاون مع لبنان و تنفيذ عدد من المشاريع المحتملة، و الاخرى في قطاع النفط والغاز في هذا البلد وكلامه أوردته وكالة انترفكس الروسية بتاريخ 24/1/2019. وسبق لسايمون اندرسون و هو من معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى أن قال في 27/12/2019 بأنه من المتوقع أن يشتد الكباش حول لبنان في القطاع الغازي و النفطي بين أمريكا وروسيا كلما تقدم لبنان في انجاز برنامجه لاستخراج النفط. 

أما بالنسبة إلى الرضى الأمريكي الاسرائيلي عن الانتفاضة اللبنانية وامكانية أنها قد تكون مدعومةً من منظمات مجتمع مدني موالية لواشنطن أحيلكم إلى كلام الجنرال الاسرائيلي في الاحتياط تيمور أيلند، القائل بتاريخ 2 تشرين الثاني 2019 لصحيفة يدوعوت أحرونوت الاسرائيلية، ينبغي على اسرائيل استثمار الحراك اللبناني لنزع سلاح حزب الله بالتزامن مع سعيها الدؤوب إلى التأثير على الدول و المنظمات المانحة بإشتراط مساعدة لبنان بالأموال للخروج من مصيبته لقاء نزع حزب الله لسلاحه الذي يشكل خطراً استراتيجيا على اسرائيل، كما قالت قناة العالم الاخبارية بتاريخ 18 تشرين الثاني 2019 أن مصادر سياسية أوضحت بأن واشنطن تعتبر بأن خروج حزب الله من الحكومة اللبنانية، يستحيل أن يتم من دون استمرار الاحتجاجات الشعبية وتأليف حكومة تكنوقراط فقط. وازاء بلوغ حروب الالغاء في لبنان الحائط المسدود، يبقى منح الفرصة مندرجاً من مندرجات العمل السياسي الراقي.