بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 حزيران 2018 06:06ص مهلاً على حكومة «تنظيم التعايش» وسط العواصف العاتية!

أبعد من «تويتر» جنبلاط «السندبادي»

حجم الخط
أبعد من «تويتر» وليد جنبلاط (وهو في الأغلب قبل خروجه من الشأن السياسي اليومي، لا يحب الألقاب وما شابه)، يُمكن القول ان عملية تأليف الحكومة دخلت مدار التجاذبات، من المواجهات عند المرفأ  اليمني (الحديدة) على البحر الأحمر، إلى الطيران الحربي الإسرائيلي المعادي، بمحاذاة البحر الأبيض المتوسط امتداداً إلى الساحل السوري، وشرقي البحر من الجنوب إلى الشمال ومن الغرب إلى الشرق، وصولاً إلى جبل حرمون (جبل الشيخ) والجنوب السوري، فيما لم تخطف مباريات كأس العالم في كرة قدم في روسيا الاتحادية الاهتمام بالكامل عن المواجهة الصامتة، والهادئة، والمتفق عليها، بين وحدات فلاديمير بوتين في القواعد والأراضي السورية وقوات التدخل الأميركي التي لا تأتمر فقط بأوامر المرابي العقاري والنجم التلفزيوني، الذي تخطى الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ريغان، وهو دونالد ترامب، الذي تعامل مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جيونغ، حفيد اسطورة شبه القارة الكورية كيم ايل سونغ، وكأنه من أحفاده، أو ولده المدلَّل، أو الوصي على شاب جارت عليه الأيام، وأعملت صروف الدهر في بلده أو امارته فتكاً بالجوع والحصار وقلة سبل العيش.
وهنا السؤال، الظريف، الخفيف، اللطيف: هل أصبحت عملية تأليف حكومة، ما تزال شبيهتها تصرِّف الأعمال، حتى اليوم، مدار صراعات العالم، أو إعادة بناء التحالفات الأفقية والعامودية في الشرق الأوسط، أرض الصراعات والنزاعات المفتوحة؟
في واقع الأمر، لا يُمكن فصل التجاذب الحاصل حول الحكومة العتيدة، عن ملامح «العصر الجديد» الذي تدخله المنطقة. وليس من قبيل المصادفة، في اللعبة السياسية اللبنانية، أن تتدافع في وقت واحد، جملة ملفات، من النزوح السوري، الذي يحمل جبران باسيل (وهو رئيس التيار الوطني الحر، ووزير في حكومة تصريف الأعمال) راية عودته، تحت كل الظروف «منخفضة التوتر» (وهو تعبير غالباً ما يستخدم للاشارة إلى المناطق شبه الصافية من غير هيمنة عرقية أو مذهبية، أو حزبية عسكرية، مسلحة عليها) إلى العلاقات اللبنانية - العربية التي لا تزال تنوء تحت ثقل ماضٍ، غير بعيد، من عدم الثقة، لم تفلح حكومة استعادة الثقة التي تصرّف الأعمال اليوم من استعادة ماضيها المشرق، إلى الوضع الاقتصادي، المترنّح، الذي تكاد دورته الاقتصادية تقتصر على «رواتب موظفي الدولة» من مدنيين وعسكريين، ومتقاعدين، لم تفلح أسعار البنزين، المتزايدة، على نحو بطيء والتي ارتفعت ما يقرب من 5 دولارات للصفيحة الواحدة في غضون أشهر قليلة، إلى أزمات المياه والكهرباء، والوعود الميمونة باستئصال الفساد، وكأنه «بنكرياس» في جسم مريض، أو كبد اصابت منه السموم القاتلة المنبثقة من الاطعمة الفاسدة إلى المياه الغنية بالميكروبات الحسنة والسيئة على حدّ سواء..
كل شيء تجمّع في سماء الحكومة الجديدة، التي من المفترض انها الآن قيد التأليف، سواء كان الرئيس المكلف سعد الحريري، في بيروت، أو موسكو، أو جدّة، أو أية عاصمة «لبنانية» أخرى حول العالم..
مع التجمعات الثقيلة، والكثيرة، سواء في الأفق المحلي، أو الإقليمي، أو حتى الدولي، الإقليمي، أو الأميركي - الأوروبي، ينتظر الناس عودة الرئيس المكلف، ليبدأ من حيث انتهى، من لا شيء ثابتاً حتى الآن، ما خلا التصوّر الذي وضعه في عهدة «الرئيس القوي» ميشال عون، والذي لم يرَ زعيم المختارة من وصفه «بالفاشل»، حول كيفية توزيع الحصص على الطوائف الكبرى، والأقل كبراً، من ضمن المعادلة التي حكمت تأليف حكومة ما بعد انتخاب الرئيس عون رئيساً «للجمهورية القوية» التي يتخذها شعاراً لمعركته السياسية، قبل انتخاب الرئيس وبعده حزب «القوات اللبنانية» بزعامة د. سمير جعجع، الذي يواجه «محنة سياسية» من نوع نكوث حليفه «التيار الوطني الحر» أو شريكه في تفاهم معراب الوزير باسيل، بما تصفه «القوات» وثيقة اقتسام الحصة المسيحية في الحكومة مناصفة على غرار اقتسام «الثنائي الشيعي» للحصة الشيعية التي لا تزيد أو تنقص، بصرف النظر عن النجاحات العسكرية في سوريا أو دول أخرى في الشرق الأوسط العربي.
تتحدث المعلومات عن عدم رضى في بعبدا عن تصوّر الرئيس المكلف، وتتحدث المصادر المعلنة وغير المعلنة عن أن «الفار» بدأ يلعب في عبّ الرئيس نبيه برّي، وفي عبّ حليفه «حزب الله» من تهالك الوقت، في تأليف بطيء، وحتى كأنه غير موجود، وتتحدث المصادر، ربما الخارجية، أو الدبلوماسية، عن «موانع عازلة» لولادة قريبة لوزارة ثلاثينية، يريدها الحريري ثلاثينية، ويريدها الحكم ثلاثينية + 2 (وزيران) للأقليتين المسيحية والعلوية.
وفي رأى العارفين، أو المطلعين على أجواء ما يدور بين الكواليس وخلفها، ان انفجار «السجال الكلامي» الدامي بين المختارة وسن الفيل (هناك مقر التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل)، ودخول «القوات» على الخط، وان بصوت أقل ارتفاعاً من النبرة الجنبلاطية، التي تراجعت بعض الشيء، ذلك انه جنبلاط الذي يلعب دور السندباد في شمال أوروبا، أمضى مع داليا (ابنته الوحيدة) عطلة العيد (عيد الفطر) في بلاد جميلة أشبه بالجنة، قرّر التوقف عن «الكلام المباح» بعدما اوصل الرسالة على طريقته «تاركاً» لوائل أبو فاعور المناكفة، ولتيمور المفاوضة، متمترساً وراء انتزاع الحصة الدرزية كاملة (3/3)، لإبعاد الأمير طلال أرسلان عن جنة الوزارة، بعدما دخل وحيداً جنة «النيابة» من بوابة التحالف مع التيار الوطني الحر، والانضمام إلى كتلة «لبنان القوي» بزعامة السيّد باسيل نفسه.. برأي هؤلاء العارفين ان السجال هذا هو جزء من «شد الحبال» بحثاً عن ترشيق حصة الرئيس وتياره النيابي والشعبي والوزاري الجارف، وتحسين شروط الرئيس المكلف بتحالفاته مع «القوات» والاشتراكي للوصول إلى كتلة تعطلّ أي قرار في مجلس الوزراء، من دون ان يكون التعطيل، عبر استقالة مباشرة من رئيس الحكومة.
من الممكن ضبط الأعصاب، قليلاً من الوقت، وربما أسبوع أو أكثر، لا سيما وان تشكيل الحكومات يأخذ وقتاً يقارب النصف سنة، أو يزيد، فكيف بحكومة امامها «تحديات خطيرة» ليس أقلها تنظيم «التعايش اللبناني» المتأثر دوماً بالعواصف الساخنة والباردة، وحتى العاتية، الآتية سواء من الصحراء العربية، أو الافريقية أو من السهوب الأوراسية، امتداداً إلى جبال طوروس والهضبة الإيرانية؟!