بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الثاني 2020 12:01ص نبيه برّي يكسر جدار الصّمت!

حجم الخط
كانت لافتة رسالة رئيس حركة «أمل» الأستاذ نبيه برّي إلى جمهور الحركة واللّبنانيين، ملفتة وخطيرة بتوقيتها ومضمونها.

فرئيس مجلس النوّاب العامل بمبدأ «الاعمال أفصح من الأقوال» خرج عن صمته الطّويل، واختار مخاطبة الجمهور عبر رسالة مكتوبة، لا شكّ أنّه تأنّى باختيار حروفها، وأنّه ضمّنَ بين سطورها سطورًا أكثر عمقًا ودقّة وخطورة.

ولأنّه ضنين بلبنان وأهله، كان الوطن مبتدأ الرّسالة ومحورها، وكانت أمل وجمهورها الأولى والأقدر على حمايته وصيانته بالحوار الدّاخليّ، والمقاومة على الحدود، ليبقى لبنان وطنًا نهائيّا لجميع بنيه.

وعندما يتحدّث نبيه برّي، كونه رئيسًا لحركة أمل، عن فتنة عمياء تدبّر للبنان، فعلى جميع الوطنيين التّأهّب لدرئها.

صحيح أنّ نبيه برّي ليس نبيًّا معصومًا، لكنّه لا ينطق عن هوى نفس، ولا يحتاج إلى بضع كلمات يستدرّ بها استعطافًا من هنا، أو تأييدًا من هناك، لأنّه ببساطة معقّدة، وعلى مدى عقود من العمل الجهاديّ والسّياسيّ، مدّ جذور وفاء عميقة في نفوس مريديه، لا تقوى عليها رياح التّضليل العاتية، ولا تهزّها ادّعاءات المغرضين الواهية.

ولنبيه برّي رجل الدّولة مكانة واحترام، لدى حلفائه وخصومه، حتّى ليكاد يكون علامة الجمع الوحيدة، في بؤرة الانقسام الحزبيّ والطّائفيّ والمناطقيّ؛ وما كان ليشهر قلمه في هذه اللّحظة المستعرة، لولا أنّ حبر الصّبر قد فاض، ولولا أنّ الآتي أعظم، ولولا وقوفه على معطيات وأدلّة دامغة، على ما يحضّر لنا في الغرف السّوداء.

وما فعله هذا الرّجل في جلسة إقرار الموازنة العامَة لا يقدر عليه غيره، ففي خضمّ الانقسام العاموديّ بين القوى السّياسيّة، وفي غمرة الحملات الإعلاميّة لشيطنة الجلسة ورئيسها، والحكومة ووزرائها، وفي ظلّ الضياع الدّستوريّ بين حكومة تصريف أعمال وحكومة لم تنل الثّقة بعد، استطاع جمع التّناقضات، وتأمين نصاب الجلسة، وإقرار الموازنة بسرعة قياسيّة، نزلت كالصّاعقة على مريدي الفوضى والفراغ الدّستوري!

ونبيه برّي الّذي لم يقطع شعرة العلاقات، ولو بحدّها الأدنى، مع دول الخليج العربي، إضافة إلى كونه جزءًا أساسيًّا من مكوّنات محور المقاومة، يمثّل بحنكته وبصيرته السّياسيّة النّافذة نقطة التقاء بين الخطوط المتباعدة.

فهل المطلوب استهداف الدّور والوظيفة الحواريّة المحتملة وشبه الوحيدة؟

لا شكّ بأنّ رابطًا يجمع بين الأحداث المتلاحقة في لبنان والمنطقة، وما بدأ في تشرين الأوّل من العام الماضي، من تحليق طائرة استطلاع إسرائيليّة على علوّ منخفض جدًّا فوق قصر عين التّينة في الثّالث عشر منه، استمرّ بسلسلة أحداث دراماتيكيّة، انتهت بإعلان ترامب عن بنود صفقة القرن، الصّفقة الصّفعة على وجه الكرامة الانسانيّة، وحتمًا سيترك هذا الاعلان تداعيات خطيرة، وستكون له آليّات تنفيذيّة، لا تنحصر بالضّغط على السّلطة الفلسطينيّة وحسب، بل تتعداها إلى ما كان يسمّى بدول الطّوق، لمحاولة فرض التّوطين وإلهاء قوى المقاومة بالأزمات الاقتصاديّة والماليّة، وربّما الأمنية!

والغريب أنّ بعض اللّبنانيين استعجلوا التّسويق لصفقة القرن قبل أن ينهي ترامب آخر كلماته، فتنطّحت إحدى القنوات التّلفزيونيّة اللّبنانيّة لبثّ تقرير اقتصاديّ بعنوان: «فوائد صفقة القرن للبنان اقتصاديًّا» وهذه القناة نفسها، المعروفة الانتماء والتّوجّه، فتحت هواءها ليل أمس الأربعاء، لكيل سيل من الاتّهامات والافتراءات والأكاذيب، طالت حركة أمل وقيادتها ورئيسها!

من البلاهة الاعتقاد بالصّدفة، ومن السّذاجة استبعاد نظريّة المؤامرة بعد كلام الرّئيس نبيه برّي، ويبدو أنّ شيئًا كبيرًا يحضّر في الخفاء، سيجرّ إلى فتنة عمياء، في ليلة كأداء!!