بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 أيار 2024 12:01ص «نتنياهو» يُناور على حافّة الهاوية..

حجم الخط
وصلت الأمور إلى خواتيمها، والكلّ يترقّب قرارات اللّحظة الأخيرة:
- نتنياهو يبحث عن خروج مشرّف من حرب لم يحقّق منها أيّ هدف من أهدافه المعلنة، ونهاية الحرب تعني بداية المحاسبة ودفاتر «بييي» القديمة والجديدة مليئة بملفّات الفساد والإخفاق والهزيمة، فهل يدخل رفح ويحرق كلّ المراكب أم يكتفي بمناورة حفظ ماء الوجه؟!
- يحيى السّنوار يعمل على تقريش الصّمود الأسطوري للشّعب الفلسطيني والإنجاز البطولي في ٧ تشرين وعلى مدى سبعة أشهر باتّفاق ينهي الحرب ويضمن إعادة النّازحين وبدء عمليّة إعادة الإعمار بعدما أعادت المقاومة قضيّة فلسطين إلى صدارة المشهد الدّولي والإقليمي وصارت غزّة المنكوبة مقرّرًا أساسيًّا في ملفّات كبرى عالميّة وإقليميّة، من انتخابات الرّئاسية الأميركيّة إلى مسار التّطبيع السّعودي مع الكيان الصّهيوني، فهل ينجح بانتزاع توقيع نتنياهو على حتف نفسه؟!
- جو بايدن يحتاج إلى انجاز يقدّمه للنّاخب الأميركي في مواجهة خصمه القوي دونالد ترامب، وعقيدته في الشّرق الأوسط تحتّم عليه إيجاد صيغة توقف الحرب لتقف معها انتفاضة الجامعات في الدّاخل ولكي يقدّم، خارجيًّا، ما عجز عنه كلّ من سبقه منذ اتّفاق «أوسلو»(بالحدّ الأدنى) إلى اليوم بحلّ قضيّة الشّرق الأوسط، الّتي تقوم حسب عقيدته، على حلّ الدّولتين وتأمين «اسرائيل» كـ «دولة» طبيعيّة في المنطقة بعد استكمال مسار التّطبيع. فهل تصير أوهامه واقعًا؟!
ليس الثّلاثة السّابقون هم اللّاعبين الوحيدين في ميدان الحرب الأطول في تاريخ الكيان، فمصر أيضًا لها حساباتها المحرجة جدًّا فيما يخص عمليّة رفح، لأنّ الحرب على حدود محور «فيلاديلفيا» يعتبر خرقًا لاتّفاق «كامب ديفيد»، ومع تحرّك جيش «إسرائيل» على حدود «أمّ الدّنيا» يعني نسفًا للمفاوضات الّتي تقدّمت مصر بصيغتها الحاليّة. الرّئيس السّيسي الآن في موقف لا يحسد عليه، وإذا أدار نتنياهو ظهره للجميع وأكمل حربه سيتعيّن على السيسي الاختيار بين كرامة بلاده الوطنيّة وأمنها القومي وبين ارتباطاتها الدّوليّة وعلاقاتها السّياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة مع «اسرائيل» والغرب عمومًا، ولا تغيب عن القيادة المصريّة نوايا العدوّ الحقيقيّة بتهجير أهل غزّة باتّجاه سيناء، ما يشكّل تهديدًا حقيقيًّا للأمن القومي والاستقرار السّياسي والاجتماعي في البلاد.
إيران وحلفاؤها أيضًا في تحدّ لا يقلّ خطورة عن تحدّيات مصر، فالخطّ الأحمر الّذي وضعه أمين عام حزب الله السّيّد حسن نصرالله، (القضاء على حركة حماس) سيكون عرضة للتّخطّي إذا دخلت الجيش الاسرائيلي إلى مدينة رفح وعاث فيها قتلًا وتدميرا على غرار ما فعل في الشّمال، وقد يكون قادة حماس عرضة للاغتيال أو الاعتقال، وهو احتمال وارد لا يمكن اسقاطه من المعادلة.
أمّا المملكة العربيّة السّعوديّة فتبدو منسجمة مع موقفها السّابق لعمليّة طوفان الأقصى، يوم ربطت التّطبيع باعتراف «إسرائيل» بحلّ الدّولتين، الأمر الّذي يرفضه نتنياهو مطلقًا وليست مقالة الكاتب الأميركي «توماس فريدمان» (أمام نتنياهو طريقان: الرّياض أو رفح) الّتي سطّرها من قلب المملكة سوى تعبير عن رغبة إدارة بايدن بتحقيق إرادة وليّ العهد الأمير محمّد بن سلمان حيث تتقاطع معها رؤية بايدن للمنطقة، ولكن إرادة نتنياهو، إلى الآن، تقطع عليهما طريق الوصول نحو الحل المأمول.
على شفير هاوية الحرب تقع المنطقة برمّتها، والكلّ مرهون بجنون نتنياهو ونرجسيّته وشخصانيّته، فهو الوحيد الّذي يتصّرف بتوتّر وقلق فيما يفكّر الباقون بعقول باردة حفاظًا على مكتسبات واحتمالات مكاسب تعمّ المنطقة كلّها لو تجرّأ رئيس وزراء العدو على الرّجوع خطوة إلى الوراء.
وفي لبنان يستمرّ التّصعيد المتبادل بين العدوّ وحزب الله بضربات مدروسة وإن كانت قاسية وهدف كلّ منهما إظهار الاستعداد والجاهزيّة للذّهاب بعيدًا مهما غلت الكلفة.
لكنّ موقف الحزب أقوى من موقف «إسرائيل» الّتي تعوّض عن إحجامها بالذّهاب إلى حرب مفتوحة باعتماد سياسية الأرض المحروقة في عمق بضعة كيلومترات داخل لبنان وتكبّد المدنيين خسائر فادحة في الممتلكات والأرزاق والأرواح، بين الحين والآخر، ويردّ الحزب بضربات عسكريّة نوعيّة ومعقّدة تجعل العدو يحسب ألف حساب قبل التّفكير بفتح الجبهة على مصراعيها.
وإذا كان الفرنسيّون يمنّون النّفس بدور لهم على ضفاف الحلّ الممكن، فإنّ الأميركيين يعرفون بأنّ الحديث مع لبنان ومقاومته قبل انتهاء الحرب في غزّة مضيعة للوقت، ولذلك اختار المبعوث الرّئاسي الأميركي «آموس هوكشتاين» الانتظار بعدما أودع الرّئيس نبيه برّي رؤيته للحلّ واختار الرّئيس نبيه برّي عدم التّعليق على فحوى الرّد اللّبناني على الورقة الفرنسيّة بالقول: «هناك نقاط مقبولة ونقاط بحاجة إلى تعديل»..
هي أيّام، وربّما ساعات حاسمة، فعلى تقاطع المصالح المتشابكة يقود نتنياهو «الباص» بتهوّر، وقد وصل إلى مفترق الحلّ المستدام أو الحرب المفتوحة.
فهل ينجح الأميركي في كبح جماحه وتوجيه المقود نحو منفذ التّسوية، أم يأخذ نتنياهو الجميع معه إلى الجحيم؟!