بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 نيسان 2024 12:01ص نظام الأيام والساعات

حجم الخط
بعد الطلقة الأولى التي أطلقتها إيران على إسرائيل... بعد الطلقة الأولى التي أطلقتها إسرائيل على إيران، دخل الصراع بين الطرفين، مرحلة جديدة، دخل نظاما جديدا، إنه نظام الأيام والساعات، هجر نظام الحرب التقليدية، هجر نظام حرب الإستنزاف، هجر نظام حرب الأستخبارات، هجر جميع أنظمة الحرب المعروفة في العالم..
استحدثت الحرب بين إيران وإسرائيل، نظاما جديدا، هو نظام حرب الأيام والساعات. تعاهد الطرفان على التوعّد بها مسبقا، بإعتبارها من نوع الحروب التي تأتي كردّة فعل، كردّة رجل، في الأيام القادمة، بشرط الإنذار بها قبل ساعات، لأن ذلك من شروط الشهامة. فالطرفان لا يريدان الغدر واحدهما بالآخر، لأنها من نوع الحروب القائمة.
حرب محض آلية... موقّعة على نظام الأيام والساعات، لأنها حرب مستمرة على مدار الأيام والساعات، صنع لها نظام جديد لا يعرفه العالم القديم. إنه من نوع الحروب المابعد الحداثة.
يقوم الطرف الأول بتوجيه لكمة، فيقف العالم متأهّبا على قدميه، ينتظر ردّة فعل الخصم، ينذره بها قبل ساعات، حتى تكون مدروسة تماما، حتى يستعد لها الخصم تماما، فلا يؤخذ بها على حين غرّة. وما أن يقوم بها الخصم، حتى يصفّق لها العالم، وينصرف بعد ذلك لدراسة آثارها.
حرب الأيام والساعات، هي من نوع الحروب البديلة عن الحروب التقليدية، لأنها حرب وجدت لتبقى على مدار الأيام والساعات، لأن الفراغ منها فراغ قاتل، فلا يتحمّله الطرفان، ولا يتحمّله المحوران... لا يتحمّله العالم.
حرب نظام الأيام والساعات، حرب مبرمجة، حرب وضعت على الكمبيوتر، بنظام الذكاء الإصطناعي الدقيق، حرب الآلة بالآلة، حرب الروبوت بالروبوت، والشرق الأوسط فضاء للجميع، لِمَ لا!.. أليس الفضاء يتسع للجميع.
استراحت الجيوش من تعب الحروب، لا رجعة بعد للعسكر، لا رجعة بعد للخنادق، لا رجعة بعد للجبهات. يأخذ اللاعب موقعه من الشاشة، يحرك الفارة يمينا أو شمالا، صعودا أو هبوطا، يأذن للأزرار أن تتحرك معا، أو فرادى، ثم تنطلق الرشقات التحذيرية، تكون ساعات للصمت لا للفرقعة، يتأهّب العالم، يطلق رجل العالم صفارته إيذانا ببدء اللعب، فتضاء الشاشة، وتبدأ الرشقات، تبدأ النيران، تتحرك المسيّرات إلى أهدافها، تضاء فضاواتها كلها، ثم تصمت الشاشة، تطفأ على مهل، يغادر لاعب الشاشة إلى النوم، ويستيقظ العالم كله، على حرب بلا حرب، لإحصاء النتائج، لتسجيلها في الخانة المخصصة لها، على دفتر الحروب القادمة، إنها من نوع الحروب الدفترية.
حرب نظام الأيام والساعات المقبلة، لم تعد تحتاج إلى رتل من الدبابات، ولا إلى سرب من الطائرات، ولا إلى منصة للصواريخ العابرة للقارات. لم تعد هذه الحرب الجديدة، تحتاج إلى السفن الحربية، ولا إلى البوارج ولا حاملات الطائرات، لا إلى الغواصات، ولا إلى النووي، ولا إلى الهجمات، ولا إلى الدفاعات.. كل ذلك صار من الحروب التقليدية المنتهية الصلاحية، لأن العالم كله دخل في إتفاق جديد، في عهد جديد، هو التوقيع على نظام الأيام والساعات، لأنه من نوع الحروب المستدامة.
دخل العالم، مع الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، طقس الحرب البديلة، لا وقت للإعلان عن وقف لإطلاق النار، لا وقت للإعلان عن شروط وشروط مقابلة. إنها نوع من الحروب التي تستمر وتستمر على الشاشة، حتى يغفوا الصبية ويطلبوا النوم، ليعاودوا اللعب في الليالي القادمة.
حرب الأيام والساعات، هي الحرب المبرمجة بين إيران وإسرائيل، هي حرب الذكاء الإصطناعي، هي حرب الروبوت بالروبوت، بلا جبهات، لأن الفضاء متّسع للاعبين، على مدى الأيام والساعات القادمة. فلتتسمّر الأجيال على الشاشات، ولتذهب الجيوش النظامية إلى مراقدها، على الجبهات في غزة وفي أوكرانيا وفي الجنوب اللبناني وفي الجولان ودمشق وبيروت...
ولينزل الصبية إلى الصبية، ما دام العالم قد وافق مسبقا، بين إسرائيل وإيران.. بين الكبار والكبار، على حرب الإشغال فقط، في نظام الأيام والساعات... ما دام قد وافق، على الدخول، في عصر الحروب الإلكترونية.