بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 كانون الأول 2022 12:00ص نعم لانعقاد مؤتمر دولي: ولكن ماذا عن جهوزيتكم سيّدي البطريرك؟!

حجم الخط
غبطة البطريرك الراعي، المعضلة الكبرى التي لم أجد لها حلاً لا أنا ولا الذين راجعتهم منذ سنوات هي إرساء مجموعة فكرية مناضلة تقف إلى جانب طرحكم الذي يتطّلب المزيد من الجهد والتحضيرات والتي تهدف إلى إرساء نظام سياسي يمكننا من الحفاظ على المجتمع اللبناني عامةً والمسيحي والماروني تحديداً، كل هؤلاء جاهدوا واجتمعوا بغبطتكم ولكن لم يصلوا إلى الهدف المعلن عنه ولغاية اليوم الأسباب عديدة. هدف هؤلاء حلول سلمية للصراعات القائمة وتوجيه اللبنانيين عامة والموارنة خاصةً إلى الخلق والإبداع في كل المجالات... ولأنّ النظام السياسي القائم ولأنّ قادة الرأي اليوم فاقدي الصفة الشرعية ومنهم الموارنة على سبيل المثال ولا الحصر ضيّعنا كل الفرص وهناك عُقْم فكري وقيادي في صفوفنا.
غبطة البطريرك الراعي، هناك قادة رأي إستبداديّون والمؤسف أنكم أطلقتم عليه صفة «الأقطاب» وما تراجعتم مع تراكم أخطائهم إنهم ورثة أخطأ تاريخية لا تُحصى هم الذين غذّوا الفوضى وإستباحوا الدستور والديمقراطية وهم سبب الإنفجارات السياسية الإجتماعية - المالية - الاقتصادية - الأمنية ومن ثمّ لا خير يُرتجى منهم، وإنما كل شرّ خاصة أنّ مناصريهم نواباً ووزراء ومن لفّ لفّهم هي سبب تعاسة شعبنا. لهذا هؤلاء القادة هم مجرمون مرات ومرّات وسأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر المرة الأولى عندما تكّلفوا بمصير شعبنا فقادوه إلى الهلاك، والثانية عندما تصدّوا بأحقــر الوسائل وأكثرها دموية فيما بين بعضهم البعض وفي كلا الحالتين يا صاحب الغبطة كانت مواقفكم ضعيفة هزيلة غير مقنعة.
غبطة البطريرك الراعي، المصيبة أنّ هؤلاء «الأقطاب» على ما أسميتهم استطاعوا أن يتسلّلوا والإستيلاء على مؤسسات الديمقراطية وكيف لا يتسلّلون وأنتم باركتم قانون الإنتخاب المشكو منه وأنتم لا تفوّتون فرصة إلاّ وتشكون من هذا القانون الذي حوّل الديمقراطية إلى مسخ... الديمقراطية الفعلية التي كُنّا نأمــل أن تكون هي الأداة للخروج من العقم السياسي القائم وتحويل وجهتها لخدمة مصالحهم... القضية إذن ليست إرساء نظام ديمقراطي فقط، ولا المُطالبة بعقد مؤتمر دولي لحـــل الأزمة اللبنانية إنما هي التعلُّم من كل الأخطاء التي صاحبت مثل هذا الإرساء حتى لا تكون الديمقراطية مجرد فاصل بين خونة. من أهم الدروس للتجربة اللبنانية يا صاحب الغبطة والتي آمــل أن تضعها وبالمشاركة مع مناضلين شرفاء نصب أعيننا في كل المراحل بناء نظام سياسي مستدام وفعّال... ولكن هل من يسمع صوتنا؟؟؟! لقد بُحَّ صوتنا وجفّت أقلامنا وأنْهِكَتْ قوانا ونيافتكم عنّا غافلون...
غبطة البطريرك الراعي، تطالبون بالكثير والفعلة قليلون قرأنا لكم اليوم ما تفضلتم به في المملكة الأردنية الهاشمية من طلب إنعقاد مؤتمر دولي لحــل الأزمة اللبنانية بسبب ضعف ووهن سياسي لبناني، نعم لمؤتمر دولي ولكن هذا الأمر يتطّلب آليات هي على سبيل المثال لا الحصر التنظيم القيادي - الإعلام - الأسباب الموجبة - الظروف الداخلية والخارجية - مؤسسات الكنيسة الداخلية والخارجية، وجلُّها يا صاحب الغبطة غير قائمة بسبب عدم التنظيم... يجب أن يكون لدينا تشخيص دقيق لأسباب التدخل لحل الأزمة اللبنانية وهنا أتذكر أنه بتاريخ نيسان 2022 أقام الإتحاد المسيحي العالمي مؤتمراً تحت عنوان «الحياد والمؤتمر الدولي الخاص بلبنان» وعلى ما أذكر أوفدتم مطرانًا تُرفع له القبعة دينياً ووطنياً وكان له كلام مثمر ويُبنى عليه في المناسبة المذكورة، ولكن سؤالي لحضرتكم لِما لم تتابعــوا الأمر لكي يُثمر ويُعطي النتيجة المرجوّة لا أعرف السبب سبب التقاعس ولا أريد أن أتكهّن ولا أسمح لنفسي بسوء الظّن...
غبطة البطريرك الراعي، تصبح الدولة فاشلة إذا ظهر عليها من الأعراض أولها أن تفقد السلطة القائمة قدرتها على السيطرة الفعلية على أراضيها أو أن تفقد إحتكارها لحق إستخدام العنف المشروع في الأراضي التي تحكمها.وثانيها هو فقدانها لشرعية إتخاذ القرارات العامة وتنفيذها وثالثها عجزها عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة. شعبنا اللبناني لم يمُت بسبب السياسات الدولية وإنما يقتله الأداء السياسي الداخلي الذي يُجفِّفْ مصادر الإبداع لديه وإذا كان المواطن اللبناني مقهوراً ومهموماً بأساسيات الحياة، فأنّى له بالتفكير والإبداع؟ وشعب ليست لديه القدرة على تطوير نفسه سيجد نفسه خارج الحلبة وهو أمر ينطبق على الشعب اللبناني والجمهورية اللبنانية فيصابان بالإحباط... ولا يزال شعبنا اللبناني يفتقر إلى أهم مقومات الكرامة الإنسانية بينما العالم تجاوز مسألة أساسيات الحياة إلى الإبداع والإبتكار.
غبطة البطريرك الراعي، ينطبق على الجمهورية اللبنانية العاجـــزة عن الوفاء بإلتزاماتها في توفير الحاجات الأساسية للشعب اللبناني والتي لم تولِ إهتماماً لمؤشرات تصاعد الفساد والإحتلال والإرتهان وإتساع الفجوة بينها وبين المواطنين وإنهيار حكم القانون وتخـــــــــــــــــاذل قادة الرأي المدنيين والروحيين عن مهماتهم الرئيسية بإحتكار وظيفتي الأمن والرعاية وسيطرة مافيات السياسة والسلاح وفرض نفوذها على الدولة والمجتمع اللبناني. إذن الدولة الفاشلة هي الدولة التي تفقد أو بصريح العبارة لم تعد قادرة على إمتلاك السيطرة على أراضيها أو القدرة على إحتكار تطبيق القانون وتتميز بغياب القانون والنظام، وعملياً هي الدولة التي لا تستطيع ضمان النمّو الاقتصادي - المالي - الاجتماعي.
غبطة البطريرك الراعي، نعم لإنعقاد مؤتمر دولي لحــل الأزمة اللبنانية لكن أين هي جهوزيتكم أنتم ومن هو فريق عملكم؟ سمعنا الكثير من العظات التي جفَّ حبرها ولم تأتِ ثمارها والسبب على ما يبدو أنكم غير منظّمين والأمر الذي يدفعني إلى الخلاصة التالية لقد أطلقتم بتاريخ 7 آب 2020 «مذكرة لبنان والحياد الناشط» وها نحن منذ ذاك التاريخ نجتّر الكلام وما من خطة عمل ألا يحق لي ولنا أن نسأل عن تلك الأسباب؟ عظة تتلو عظة، سفر، لقاءات، إجتماعات، مواقف... كلها لم تُأتِ الثمار المرجوة لماذا الجواب ليس عندي بل عندكم وأمل أن يكون مقنعاً لي ولشعبنا الماروني...
غبطة البطريرك الراعي، نعم لمؤتمر دولي ولكن لهذا المؤتمر شروط داخلية أولاً إن لم تتوفر فعبثاً المطالبة، لكي ننجح وتنجحوا يجب أن ينطلق العمل من ترميم المجتمع الماروني وبناء قادة جُدُد ولا يمكنكم إعفاء أنفسكم من هذا الفعل فأنتم شركاء في جرم تزوير الديمقراطية، ألستم من بارك نتائج الإنتخابات على دورتين متتاليتين؟ ألستم من يُبدي ملاحظاته على قانون الإنتخابات وبالرغم من ذلك إجريتْ الإنتخابات بناء على قواعده مرتين؟!! إنّ تأسيس مفهوم العمل النضالي على أساس الديمقراطية الصادقة والفعلية وإشراك الشرفاء في التفكير من الأمور الكفيلة بإنعقاد مؤتمر دولي لإخراج لبنان من مأزقه إلى حالة ديمقراطية تسود معها العدالة والسيادة ويتجاوز المواطنون هموم الأساسيات للحّاق بركب الأمم. إنّ الطريق نحو المؤتمر الدولي لن تستقيم بالسفر والاجتماعات الفضفاضة ولا بالعظات غُبّ الطلب إلّا بالتنظيم الفاعل... وليكُن تنظيمنا للمؤتمر هو أولى الأولويات للنهوض من تحت ركام التخلّف وظلمة الجهــــــــــــــل وذل التبعيّة والمصالح الخاصة. والله يشهد أني بلّغتكم واضعاً كل إمكانياتي وفريق عملنا بتصرفكم، فلا تتأخـــــــــــــــــروا بالرد على هواجسنا وما طلبناه.
بكــــــــــــــل طاعــــــــــــــــة ومحبة.