بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 أيلول 2023 06:27م هل تدفع مواقف الراعي إلى وأد الحوار بعد تعثر المبادرة الفرنسية؟

استهداف السفارة الأميركية : رسائل أمنية ل"الخماسية لأهداف سياسية

حجم الخط
الحدث الأمني الخطير، المتمثل بإطلاق النار على السفارة الأميركية في عوكر، والذي يحمل في طياته أكثر من رسالة، يفتح الأبواب أمام تساؤلات عديدة، حول ما إذا كان في توقيته ومضمونه  ، مقدمة لأعمال أمنية تستهدف عدداً من السفارات، في رسائل إلى من يعنيهم الأمر . وهذا مؤشر في غاية السلبية ينبغي اتخاذ ما يلزم للتعامل معه بطريقة حازمة . ولا تخفي أوساط مراقبة أن استهداف السفارة الأميركية، مرده إلى أن من يقفون خلف هذا العمل، إنما يريدون أن يقولوا للأميركيين أنهم لن يقبلوا بأن تستمر واشنطن على سياستها، حيال الكثير من الملفات ومن بينها الانتخابات الرئاسية، بعد الرفض الأميركي الواضح للمبادرة الفرنسية المتصلة بهذا الاستحقاق . 
ويأتي حادث إطلاق النار على السفارة الأميركية، في إطار سلسلة أحداث أمنية شهدها لبنان في الساعات الماضية، من بينها إقامة حواجز ل"القمصان السود في بلدة عين ابل الجنوبية، وما تلاها من استهداف مركز "القوات اللبنانية"  في حوش الامراء في زحلة من قبل سيارة رباعية الدفع، توازياً مع حصول اشتباكات بين دورية من فوج الحدود البري التابع للجيش اللبناني وبعض المهربين في بلدة حاويك القريبة من الحدود اللبنانية السورية، حيث أقدم المهربون على إطلاق النار، ما دفع الجيش إلى الردّ . وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن هناك من بدأ باستخدم الرسائل الأمنية، لتحقيق أهداف سياسية متصلة بالكثير من الملفات، ومن بينها بالتأكيد الانتخابات الرئاسية . ولأن هناك مخاوف جدية على الاستقرار في لبنان، عبرت عنها مواقف أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في كلمته في الأمم المتحدة، فقد استعجلت الدوحة إرسال مبعوثها الشيخ جاسم بن فهد آل ثاني الذي يتولى إجراء مشاورات تمهيدية، تستبق عودة الدبلوماسي القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، مطلع الشهر المقبل، للبحث في سبل الخروج من المأزق الرئاسي القائم . 

وإذ تستمر التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية والقضائية، لمعرفة ملابسات الاعتداء على السفارة الأميركية، ومن يقفون وراء هذه الحادثة. وفي حين أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للسفيرة الأميركية دوروثي شيا، أن الاعتداء على السفارة، يمثل اعتداء على سيادة لبنان وأمنه، وأن الأجهزة الأمنية تواصل تحقيقاتها لكشف الفاعلين، أبدت الأوساط خشيتها من أن يكون ما جرى، مقدمة لاستهدافات أمنية أخرى لبعثات دبلوماسية في مرحلة لاحقة، ما يفرض على القوى العسكرية والأمنية اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية، وتحديداً سفارات دول المجموعة الخماسية التي كانت حاسمة في مواقفها من الاستحقاق الرئاسي، لجهة عدم قبولها السير بالحوار لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وإنما ضرورة حضور جميع النواب جلسات الانتخاب، وعدم الانسحاب كما حصل في الجلسات السابقة، حتى انتخاب الرئيس العتيد .

وفي حين يتوقع أن تكون للموفد القطري جاسم آل ثاني، سلسلة لقاءات في الأيام المقبلة، تتجه الأنظار إلى ما سيقوله سفير خادم الحرمين الشريفين  وليد بخاري، غداً، في اليوم الوطني ال93 للمملكة العربية السعودية، في ما يتصل بتطورات الأوضاع في لبنان، وتحديداً ما يتصل بالانتخابات الرئاسية، وموقف بلاده منها، بعد تعثر اجتماع "الخماسية" في نيويورك، بعدما كان التقى سفير فرنسا الجديد لدى لبنان هيرفيه ماغرو، حيث كان بحث في تطورات الأوضاع والمستجدات على الساحة اللبنانية، سيما الاستحقاق الرئاسي وضرورة إنجازه بأسرع وقت ليستطيع لبنان الخروج من أزماته المختلفه، توازياً مع زيارة لافتة للسفير القطري الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني، إلى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، وما تخللها من نقاش مستفيض بشأن تعبيد الطريق أمام إنجاز الانتخابات الرئاسية .

وبينما لا تزال المواقف النارية التي أطلقها البطريرك بشارة الراعي من اوستراليا، وتحديداً ما يتعلق بالحوار الذي يطالب به رئيس مجلس النواب نبيه بري، بدعم من الجانب الفرنسي عبر عنه الموفد الرئاسي جان إيف لودريان، ترخي بظلالها على الساحة الداخلية، لم تستبعد أن تساهم هذا المواقف البطريركية في وأد الحوار في مهده، وإلى غض النظر عنه، بعد التعثر الذي أصاب المبادرة الفرنسية، وما أعقب ذلك من  دخول قطري قوي على الخط الرئاسي، في وقت عبر الأميركيون بوضوح عن رفضهم لاستمرار الفرنسيين في مساعيهم، توازياً مع توقع تطورات هامة قد يشهدها ملف النازحين، في ظل اتساع موجة الرفض العارمة، لتجاهل المجتمع الدولي دعوات لبنان للمساعدة في إعادتهم إلى بلدهم . وهذا ما دفع البطريرك الراعي، إلى التأكيد أن "النازحين السوريّين يشكلون أكثر من نصف الشعب اللبناني وهم أكبر خطر على لبنان ونعيش على فوهة بركان"، منتقداً وبعنف المجتمع الدولي، بقوله إن "المبالاة الدوليّة هي لعدم عودة السوريّين الى بلادهم، لأن المجتمع الدولي يربط عودتهم بوجود الأسد في الحكم".