بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 أيلول 2023 05:17م هل تشكل مواقف لودريان المستجدة دافعاً لتوافق الأطراف على "خيار ثالث"؟

حجم الخط
لم يكن أمراً مفاجئاً، أن تدعو باريس المسؤولين اللبنانيين، إلى البحث عن "خيار ثالث" لحل أزمة الانتخابات الرئاسية، على ما قاله المبعوث الرئاسي الفرنسي الخاص جان إيف لودريان، اليوم. باعتبار أنه ثبت للوسيط الفرنسي استحالة قبول الأطراف اللبنانية، بمعادلة ( أزعور أو فرنجية)، ما جعل الملف الرئاسي يزداد تأزماً، في ظل إصرار كل فريق على مواقفه . ومن الطبيعي بعدما وصلت الأمور إلى الحائط المسدود، أن يدرك الفرنسيون، أن المخرج لهذه الأزمة يكمن في البحث عن الخيار الثالث الذي تتركز عليه محادثات الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني غير العلنية مع المسؤولين والقيادات اللبنانية، في إطار تهيئة الأجواء أمام مساعي الدوحة للوصول إلى مبتغاها، في وقت جاء نعي رئيس مجلس النواب نبيه بري لمبادرته، كنتيجة حتمية لرفض المعارضة والبطريركية المارونية للحوار الذي دعا إليه .

ولكن رغم أن المساعي المبذولة لإيجاد مخرج للأزمة الرئاسية في لبنان، باتت محصورة بالوساطة القطرية ، فإن لا موشرات عملية توحي بإمكانية حصول خرق في الجدار الرئاسي حتى الآن، وهو ما دفع الرئيس بري إلى إبداء الخشية من "أن هناك من لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية، لا بل أكثر من ذلك، لا يريد للأزمة أن تنتهي"، بعدما سبق لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن أبدى عدم تفاؤله بإمكانية انتخاب رئيس في وقت قريب . ولكن السؤال، هل أن سقوط معادلة (أزعور ـ فرنجية)، سيدفع "الثنائي" تحديداً إلى إبداء الاستعداد للبحث في الخيار الثالث، تمهيداً لوضعه على الطاولة والمفاوضة بشأنه؟ . يبدو من السابق لأوانه الإجابة عن هذا السؤال، لكن بالتأكيد فإن ما بعد كلام لودريان، ليس كما قبله على الصعيد الرئاسي .

وطالما أن "الثنائي" لا زال على موقفه المتمسك بدعم فرنجية، فإن أوساط المعارضة تبدي خشية حقيقية من أن يلقى الحراك القطري مصير المبادرة الفرنسية، مشيرة إلى أن "من أفشل المساعي الفرنسية بإصراره على مرشحه ، سيعمد مجدداً إلى إفشال الجهود القطرية الرامية إلى إخراج لبنان من مأزقه، واستعجال انتخاب الرئيس العتيد، من خلال الإصرار على شروطه، وهذا أمر سيبقي الشغور قائماً، لأن المعارضة لا يمكن أن تقبل بذلك"، وتؤكد أن "المواقف الفرنسية المستجدة التي عبر عنها الموفد لودريان، جديرة بأن تشكل دافعاً للفريق الآخر للاقتناع بعقم خياراته، وأن أسلوب التحدي لن يوصل إلى مكان. وبالتالي لا بد من إعطاء فرصة جدية لوساطة المجموعة الخماسية التي يقوم بها الجانب القطري ، في ظل استعداد عربي ودولي للمساعدة على إزالة العراقيل التي تعترض التوافق الداخلي على إنجاز الاستحقاق الرئاسي"، في حين لفتت زيارة سفير قطر الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، حيث تم خلال الزيارة، استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، وتحديداً في الملف الرئاسي .

وقد أشادت الأوساط المعارضة بالمواقف التي أطلقها مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في ذكرى المولد النبوي الشريف، لناحية تأكيده  أنّ "الحراك الداخلي هو الأساس في انجار الاستحقاق الرئاسي والحراك الخارجي مساعد وداعم له وعلى القوى السياسية كافة تحمل مسؤولياتها تجاه الوطن والناس"، وفي تشديده على أنّه "سيبقى اتفاق الطائف الضامن للشراكة الاسلامية- المسيحية ولا مكان أبداً للطروحات التي تمزق الوطن وتفرق اللبنانيين"، مؤكدة أن "هذه المواقف جاءت لتقول بأن الخارج لا يمكن أن يحل محل اللبنانيين في انتخاب رئيسهم . وهذا يفرض على البرلمان أن يجتمع فوراً وفي جلسات متتالية، حتى تصاعد الدخان الأبيض، إيذاناً بانتخاب الرئيس العتيد. لا أن يستمر الفريق الآخر في مخططه لكسر نصاب جلسات الانتخاب، حتى يفرض رئيساً على اللبنانيين" .

وأشارت المعلومات، إلى أن الموفد لودريان سيدعو رؤساء الكتل النيابية وقيادات سياسية، إلى لقاء في قصر الصنوبر في زيارته الأخيرة، مطلع الشهر المقبل، في سياق المساعي الفرنسية، للبحث في ضرورة التوجه نحو الخيار الثالث الذي دعا إليه، وهو ما يركز عليه الحراك القطري، بانتظار اتضاح صورة المواقف لدى الأطراف اللبنانية من هذا الطرح المستجد، والذي سيضع الجميع أمام مسؤولياتهم، بأن لبنان لا يتحمل إلا رئيساً وسطياً وتوافقياً على نفس المسافة من الجميع، وقادر على إعادة ترتيب وإصلاح العلاقات العربية والدولية، في وقت أحوج ما يكون البلد إلى وقوف الأشقاء والأصدقاء إلى جانبه .