بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 كانون الثاني 2024 05:41م هل تنجح الدبلوماسية في تجنيب لبنان مخاطر حرب واسعة؟

الملفات الداخلية ليست أولوية طالما استمر العدوان على غزة وبقي الجنوب على اشتعاله

حجم الخط
لا شيء يطمئن إلى أن الجهود الدبلوماسية الجارية، قد تنجح في نزع فتيل الانفجار الوشيك على الجبهة الجنوبية التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في مستوى العمليات العسكرية بين "حزب الله" وإسرائيل .فكل المؤشرات تدل على أن الأمور ذاهبة نحو تصعيد خطير، في ظل الاستعدادات الميدانية من جانب جيش الاحتلال الذي يستعد على ما يبدو لتوجيه ضربة ضد "حزب الله"، لإبعاده إلى شمال نهر الليطاني . وهذا يثير المزيد من المخاوف من خروج الأمور عن السيطرة . وقد أجرى الجيش الإسرائيلي مناورة تحاكي هجوماً على لبنان، مؤكدًا أن قواته أكثر استعدادا من أي وقت مضى لمواجهة أي تصعيد على الحدود اللبنانية، على ما قاله قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، اللواء أوري غوردين، خلال مناورة لمحاكاة هجوم على لبنان. ونقل عن غوردين، قوله، "نحن أكثر استعدادًا من أي وقت مضى، وسنواصل تعزيز الاستعدادات والتقييمات".



وتبدو الخشية كبيرة من انزلاق الوضع الميداني إلى مواجهة واسعة بين "الحزب" وإسرائيل، في ظل تطور المواجهات على الأرض، وسط قلق أممي من الآتي الأعظم، وهو ما عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي حذر من أنه "قلق للغاية بشأن لبنان". وهذا يؤشر بوضوح استناداً إلى تقارير قوات "يونيفيل" بأن مسار الأحداث في جنوب لبنان، يتصاعد نحو مواجهة لا مفر منها، بين "حزب الله" وإسرائيل، وهذا أمر بالغ الخطورة، سيدخل لبنان في أتون حرب مدمرة، ستكون أكثر فتكاً مما جرى في ال2006. وقد ذهب المسؤول الأممي إلى أبعد من ذلك، بالقول، "لا يمكن أن يكون لبنان غزة جديدة"، مضيفاً، أنه "يرى جهودا جدية من جانب الحكومة اللبنانية والولايات المتحدة وأطراف أخرى". وأنه "من المهم جدا تجنب المواجهة العشوائية في لبنان سيعني ذلك خراب البلاد".

وفي وقت كثف رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، لقاءاته في "دافوس" مع عدد من الشخصيات العربية والدولية، في إطار الجهود الآيلة إلى منع تمدد الصراع الدائر إلى لبنان، برز موقف لافت عبر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حذر من توسيع رقعة الحرب في المنطقة، وتجنب ان يلتحق حزب الله بالحرب ويقوم بتهديد امن اسرائيل وان ينتشر النزاع في لبنان. وهذا يعكس برأي مصادر سياسية، قلقاً فرنسياً من أن حصول انفجار واسع في جنوب لبنان، أمر مرجح في أي وقت، في ظل استمرار المواجهات على الحدود الجنوبية . لكن باريس ورغم مخاوفها من الأسوأ، إلا أنها ما زالت تعمل من أجل سلام لبنان واستقراره، من خلال اتصالاتها المكثفة التي تجريها في أكثر من اتجاه، على أساس احترام القرار 1701، والالتزام بتطبيق بنوده من جانب إسرائيل ولبنان .



وتبرز بوضوح الجهود العربية والدولية، من خلال ما تقوم به المجموعة الخماسية، معطوفاً على المشاورات التي يجريها سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان وليد بخاري، انطلاقاً من الاهتمام الخارجي بإنهاء الشغور الرئاسي، وتأمين مظلة أمان للبنان، تقيه تداعيات ما يجري من حوله . وعلى أهمية اللقاء الذي جمع رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط، ورئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، إلا أنه واستناداً إلى ما توافر من معلومات ل"اللواء"، لم يجر بحث مستفيض في الاستحقاق الرئاسي، وإنما جرى التطرق إليه بشكل عابر، باعتبار، أن الأولوية الآن لوقف الحرب. ما يعني أن هذا أن الملف موضوع على الرف في ظل التطورات الخطيرة التي تمر بها المنطقة، سيما وأن الاهتمامات منصبة على إخراج لبنان من هذه الأزمة القاتلة، الناجمة عن أحداث غزة وتداعياتها على الجبهة الجنوبية، بالرغم من الجهود العربية التي تقودها المملكة العربية السعودية ، لإنقاذ لبنان من الأزمات المتراكمة التي يعانيها .


وتشير المعلومات، نقلاً عن أوساط نيابية بارزة، إلى أن هناك مرشحين إثنين أساسيين، العماد جوزف عون وسليمان فرنجية، إضافة إلى كوكبة من الوسطيين إذا صح التعبير، والسباق الرئاسي لا يزال مفتوحاً. لكن ظروف المنطقة لا تسمح بحصول انتخابات رئاسية"، مشددة على أن "مواصفات المرشح الرئاسي، يجب  أن تكون أداة جمع لا أداة تفريق بين الأطراف اللبنانية، لأن لبنان يحتاج رئيساً جامعاً يستطيع قيادة عملية إصلاحية كبيرة لإنقاذ البلد" . وتضيف، بأن "الدول العربية ليست مستعدة لتقديم الدعم للبنان، إذا لم يتوافق اللبنانيون على انتخاب رئيس، يؤمن بعمقه العربي، ولديه قناعة راسخة بأن لبنان لا يمكن أن يعيش إلا في أحضان أشقائه، وأن مصلحته تكمن في توثيق روابطه مع محيطه العربي، بعيداً من أجندات إقليمية، لا يمكن أن تقوده إلى بر الأمان، طالما أن هناك من يسعى لترسيخ دويلته، على حساب الدولة المركزية" .




ولا تخفي مصادر معارضة القول، في ظل استمرار تعثر إجراء الانتخابات الرئاسية، أن عامل السلاح غير الشرعي لا زال يضغط بقوة على الوضع الداخلي، ويحول تالياً دون إنجاز الاستحقاق الرئاسي، باعتبار أن هيمنة السلاح تركت تداعيات كبيرة، وخلقت انقسامات عامودية في البلد" . وإذ تنفي إمكانية حصول أي مقايضة داخلية في ما يتصل بالموضوع الرئاسي، "لأنه إذا كان الأمر بهذا الشكل، فإننا نكون قد قضينا على مستقبل لبنان والأمل بإخراجه من الحالة الجهنمية التي يمر بها"، فإنه تعتبر أنه من مصلحة جميع الأطراف العودة إلى كنف الدولة اللبنانية، ووضع مصلحتها أولوية، لمساعدة اللبنانيين على الخروج من هذا المأزق، بالنظر إلى المخاطر الجسيمة التي تتهدد لبنان، إذا استمرت حالة الشغور الرئاسي القائم . وطالما بقي كل طرف متمسكاً بشروطه، ولا يريد التنازل لمصلحة المؤسسات والناس . 



وكذلك لا تخفي المصادر، قلقها من التداعيات المحتملة للحرب الأميركية البريطانية على اليمن، توازياً مع ارتفاع منسوب التوتر في جبهة جنوب لبنان، بعد حديث تم تداوله في الأوساط الأميركية،  أن "واشنطن أبلغت بيروت أنها لا تضمن ألا تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة  للبنان، إذا استمر "حزب الله" في تصعيده على الحدود، رغم أن المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين يعمل على نزع فتيل التوتر، لكنه قد لا ينجح في مساعيه، في حال خروج الوضع عن السيطرة في الجنوب، مع اشتعال جبهة البحر الأحمر التي قد تشهد مزيداً من الحرب الأميركية على الحوثيين ومن يقف خلفهم" . وأكدت أن "لبنان لن يكون بمنأى عن هذه الأحداث، طالما أن الإيرانيين يستخدمونه كصندوق بريد في مواجهة الصراع القائم مع الأميركيين وحلفائهم" .