بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 شباط 2024 05:30م "الخماسية" فرملت تحركها بعد إصرار "الثنائي" على شروطه؟

عدم زيارة هوكشتاين لا يلغي الاهتمام الأميركي بتسوية سياسية

حجم الخط
كثرت التفسيرات لعدم قيام كبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين، بزيارة لبنان، بعد المحادثات التي أجراها في إسرائيل، بشأن إيجاد حل دبلوماسي للوضع المتفجر في الجنوب، وبما ينزع فتيل تصاعد حدة المواجهات مع "حزب الله" . وهو ما عزته مصادر متابعة لهذا الملف، إلى استمرار وجود عقبات لا زالت تحول دون حصول توافق سياسي بين لبنان وإسرائيل، يضع حداً للتوتر القائم على الحدود، تجنباً لتمدد الصراع . وإذا كانت إسرائيل مصرة على إبعاد "حزب الله" إلى شمال نهر الليطاني"، فإن المخاوف تكبر على مصير الجبهة الجنوبية، في حال إخفاق الجهود الدبلوماسية، في إرساء معالم التهدئة، ما قد يدفع الجانب الإسرائيلي في ظل الوضع الراهن، إلى اللجوء إلى الخيار العسكري الذي يحذره جميع الأطراف  . وإذا كان الإسرائيليون لا يمانعون بحل سياسي مع لبنان، إلى أن المجتمع الدولي يبدي خشية حقيقية، من نواياهم تجاه لبنان، في حال لم تنجح الدبلوماسية في التوصل لحل سياسي للوضع المتفجر. وهو ما ظهر بوضوح من رسائل زحمة الموفدين الذين يحطون الرحال في العاصمة اللبنانية   . 



وإن لم تكن بيروت على أجندة هوكشتاين هذه المرة، إلا أن الجهود الأميركية، تبدو واضحة في العمل من أجل تعبيد الطريق أمام تفاهمات سياسية بين إسرائيل ولبنان، حيث أن واشنطن جادة في منع امتداد الصراع ليشمل لبنان، بالنظر إلى عواقبه المدمرة على المنطقة برمتها . ولهذا فإن الجهود الأميركية لن تتوقف، رغم تصاعد حملة التهديدات الإسرائيلية التي يتعامل معها الخارج بجدية . وسعياً من أجل تشكيل مظلة أمان تحمي لبنان، من المتوقع أن يصل إلى بيروت، غداً، وزير خارجية مصر سامح شكري الذي سيلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب، في وقت كان لوزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه، اليوم، سلسلة لقاءات، مع كبار المسؤولين، ركزت على ضرورة  التعامل بأقصى درجات الحذر مع التهديدات الإسرائيلية، من خلال تنفيذ القرار 1701 بحذافيره، لعدم إعطاء ذريعة لإسرائيل للاعتداء على لبنان .


وقد سبق لرئيس الدبلوماسية الفرنسية، أن نقل خلال لقائه نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن "فرنسا سيكون لها دور مركزي في أي حل سياسي مستقبلي في لبنان"، في وقت علم أن الاجتماع بين وزيري خارجية إسرائيل وفرنسا ساده التوتر بسبب ملفي لبنان والمحتجزين في غزة، بعدما حذّر وزير خارجية فرنسا نظيره الإسرائيلي من أن بلاده ستقوم بعمل عسكري في لبنان لإنقاذ نحو 20 ألف فرنسي إذا اندلعت حرب مع "حزب الله". وفيما أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ، إلى أن "إسرائيل لا تريد فتح جبهة حرب أخرى في لبنان، وتفضل إنهاء الصراع على الحدود بشكل دبلوماسي"، إلا أنه في الوقت نفسه، أكد "استعداد بلاده للتعامل مع جميع السيناريوهات".
وسط هذه المناخات الملبدة، فإنه بدا لافتاً، اقتصار تحرك سفراء المجموعة الخماسية، على زيارة الرئيس بري، في حين كان من المتوقع أن يشمل تحركهم العديد من القيادات السياسية المعنية بالملف الرئاسي . لكن ووفقاً لمصادر نيابية معارضة، فإن ما سمعه السفراء من رئيس المجلس، وتحديداً لناحية التمسك بشروط "الثنائي"، ربما يكون دفعهم إلى فرملة تحركهم، بعدما أدركوا أن الأمور لا زالت تراوح، بانتظار تبدل الظروف، من أجل معاودة التحرك، توصلاً لقواسم مشتركة من شأنها التوافق على رئاسة الجمهورية . وقد كان الملف الرئاسي حاضراً أيضًا في اللقاء الذي جمع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وسفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون، في وقت شددت أوساط "قواتية" على أن  لا معطيات حسية حتى الآن، تؤشر إلى إمكانية حصول أي تغيير في المشهد الرئاسي، في ظل إصرار "حزب الله" تحديداً على مواقفه، لناحية المطالبة بحوار، وعدم التخلي عن المرشح سليمان فرنجية . وعليه فإن لامجال لتوقع حصول أي تبديل في هذا المشهد القاتم، إلا إذا أعيد فتح  أبواب المجلس أمام جلسات إنتخاب رئاسيّة جدية وحقيقية وليست صورية، من أجل انتخاب رئيس للجمهورية .




وتشدد المصادر المعارضة، على أن هناك قراراً حاسماً برفض الاستجابة لضغوطات الفريق الآخر الذي يحاول فرض رئيس على اللبنانيين، لأن أحداً لا يستطيع أن يملي شيئاً على اللبنانيين بغير قناعاتهم . ولهذا فإن المعارضة ليست في وارد القبول بأي حوار من أجل الرئاسة . وهو أمر لم يعد خافياً على سفراء "الخماسية" الذين لم يعودوا مقتنعين بجدوى الحوار، لأنه لن يوصل إلى نتيجة، باعتبار أن انتخاب الرئيس، يكمن في عقد جلسات متتالية للبرلمان، حتى تصاعد الدخان الأبيض . وما عدا ذلك، مجرد حجج وتبريرات واهية لا تنطلي على أحد . فالدستور واضح، ولا يقول بأي حوار لانتخاب رئيس الجمهورية، بل في التئام المجلس النيابي، حتى يتحقق الهدف بانتخاب رئيس للجمهورية .
وإذ ترفض المصادر حصول أي صفقات على حساب سيادة لبنان وقراره الحر، فإنها تعتبر أن الشغور القاتل قد يستمر طويلاً، إذا لم يقتنع "الثنائي" بأنه بات مطلوباً منه، تسهيل الانتخابات الرئاسية، وعدم عرقلتها بشروطه، سيما وأن  لبنان لم يعرف مثل هكذا شغور وتعطيل، إلا بعد أن بدأ "الحزب" بوضع شروطه السياسية، سواء ما يتعلق بالرئاسة الأولى، أو في تشكيل الحكومات المتعاقبة، حيث وصل الأمر به وحلفائه، إلى تعطيل تشكيل إحدى حكومات عهد الرئيس ميشال سليمان، إلى ما يقارب السنة . وبالتأكيد، كما تقول المصادر، فإن هذه الوصفة لا تشبه اللبنانيين، ولا يمكن أن تقود إلى بناء المؤسسات، وإعادة مد الجسور مع الأشقاء والأصدقاء الذين ابتعدوا عن لبنان .