بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 أيار 2020 08:03ص هل لا يزال لبنان بحاجة إلى سلاح المقاومة؟

حجم الخط
لا غبار على أن نيوب الأطماع الأميركية الاسرائيلية في لبنان ما زالت بارزة بابتسامتها الصفراء الماكرة. 

فواشنطن تسعى إلى أن تستثمر شركاتها في حقلي النفط والغاز اللبنانيين على أن تكون لها حصة الأسد في ذلك.

من هنا فمن الخطأ الاعتقاد بأن حزب الله إن تخلى عن سلاحه ستزول الأطماع الاميركية الاسرائيلية التاريخية في لبنان.

وحري بي ان أحيلكم إلى ما قاله المفكر العربي الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله بتاريخ 2 تشرين الثاني 2006 إلى موقع الجزيرة « أما اذا تمكنت اسرائيل من تحويل أقطار العالم العربي إلى دويلات طائفية سيصبح خنجر ذلك الكيان مغروساً في الجسد العربي. وكي لا ننسى فإن شيمون بيريز سبق أن قال لقد جرب العرب قيادة مصر للمنطقة مدة نصف قرن واليوم آن الأوان أن يجربوا قيادة اسرائيل لهم.

ويذكر أن برنارد لويس المعروف بعدائه للعرب قد وضع أبان الغزو الأميركي للعراق خطته القاضية بتقسيم الأقطار العربية إلى 52 دويلة طائفية ومنها لبنان وسوريا. 

وإذا عدنا إلى العام 1919 نقرأ رسالة حاييم وايزمان أول رئيس لدولة الاغتصاب الاسرائيلية بتاريخ 29 كانون الاول 1919 إلى لويد جورج رئيس الحكومة البريطانية والتي جاء فيها، سيدي إن مستقبل فلسطين يعتمد بأسره على استمداد موارد مياهها للري والطاقة الكهربائية من منحدرات جبل حرمون ومنابع الأردن ونهر الليطاني. 

أيضاً وأيضاً فإن الاطماع بلبنان والأقطار العربية تعود إلى العام 1907 إلى زمن الوثيقة التي صاغها رئيس وزراء بريطانيا بين عامي 1905 و1908 اللورد هنري كامبل وتعتبر الوثيقة أن البحر الأبيض المتوسط يشكل الشريان الحيوي للاستعمار لأنه الجسد الذي يصل الشرق بالغرب. 

أما بالنسبة لدول الشرق العربي فقد ارتأت الوثيقة حرمان دوله من المعرفة والتقنية وايجاد أو تغذية مشاكل حدودية متعلقة بدوله، واليوم ما يحصل من نزاعات دليل قاطع على أن مندرجات هذه الوثيقة مازالت حية ترزق من قبل واشنطن التي حلت مكان لندن. 

ففي الماضي القريب كانت النزاعات بين العراق وايران وبين العراق والكويت وبين مصر وليبيا وبين فلسطين والأردن، واليوم نراها بين السعودية واليمن.

وازاء هذه الأطماع المتربصة بلبنان وبعد فشل الغرب بنزع سلاح حزب الله عسكرياً نعيش اليوم تقاطر أرتال وجحافل العقوبات على حزب الله والذي مازال جارياً على قدم وساق. 

ويستمر القطار الأميركي في السير على سكة اغراق لبنان في مستنقع المهاترات والمناكفات والمماحكات والمنازعات بين أبناء الوطن الواحد بشهره أسلحة التحريض. 

وفي هذا الاطار قالت شبكة سبوتنيك الروسية بتاريخ 7 أيار 2020 بأن واشنطن تفكر باقتراح توسيع مهام قوات اليونيفل لتسهل لها الدخول إلى الملكيات الخاصة وهذا ما سيتيح لها تفتيش مراكز تابعة لحزب الله بدعم وتأييد أوروبي. 

والجدير ذكره أن تقريراً أميركياً كان قد صدر بتاريخ 25 تشرين الثاني 2019 عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى يحذر فيه الجيش الوطني اللبناني بأن حزب الله تراوده فكرة تفكيك المؤسسة العسكرية اللبنانية، فضلاً عن أن القلق الحاد يعتريه من تعملق الغضب الشعبي إزاء الوضع المعيشي المنهار، وفي ذلك محاولة من المعاهد الاميركية دق اسفين بين حزب الله والجيش. 

اما التحريض الاسرائيلي على الحزب فهو مستمر إذ أنه وبتاريخ 20 أيار 2020 دعا الباحث الاسرائيلي آساف أوريونا إلى تكثيف الضغوط على بيروت من أجل تفكيك قدرات حزب الله العسكرية في الجنوب والفرصة سانحة بوضوح لأن لبنان والحزب يمران بأحلك ضائقة اقتصادية لم يعهداها من قبل حسب أوريونا.  

فيما انبرى المحلل السياسي الكسندر نازاروف بالقول بتاريخ 26 أيار 2020، بامكاننا ملاحظة خطط تدمير حزب الله وخطورتها من خلال الموقف في المساعدات الاقتصادية الدولية للبنان، فواشنطن المسيطرة على صندوق النقد الدولي تتعمد دفع لبنان نحو الانهيار الاقتصادي إذا رفضت حكومته التحول إلى أداة استعمارية تذعن لأوامرها ويضيف نازاروف ستكون العواقب عندها، فوضى في الاقتصاد وأعمال شغب جراء الجوع والفقر وربما استئناف للحرب الأهلية. 

وبدوري أقول لقد ظهر جلياً بأن أحد أبرز أهداف فرض تلك العقوبات على الحزب تكمن في ارغامه على نزع سلاحه، لكن وبما أن الدول الداعمة له ليست في وارد الرضوخ والطلب منه نزع سلاحه، فلبنان سيبقى رازحاً تحت وطأة ونير كباش حاد وشد حبال بين محورين جبارين ومعارك سياسية طاحنة تدور رحاها على منابر الأحزاب السياسية اللبنانية وقد تترجم تطاحنات وصدامات عنيفة في الشوارع بعد ما بات من شبه المؤكد بأن الوعود بالمساعدات المادية ما هي سوى أكذوبة من أكاذيب يوم الأول من نيسان وبات لسان حال واشنطن يقول لحكومة لبنان كما قيل لمرتى، مرتى مرتى تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد.