بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 أيلول 2018 12:00ص هل من متواضع؟

حجم الخط
مضى حتى الآن، أكثر من أربعة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة جديدة، تخلف الحكومة التي استقالت حكماً بعد الانتخابات النيابية التي جرت في السادس من شهر أيار من العام الحالي، والبلاد ما زالت من دون حكومة تحكم وتدير شؤون العباد المعطلة أو المشلولة بسبب الفراغ الحاصل في السلطة الاجرائية، ولا أحد من المسؤولين يسأل لماذا أو يعطي جواباً مقنعاً أو حتى يُبدي أي اهتمام بما يُمكن ان يتأتى عن هذا الفراغ في إحدى أهم ثلاث سلطات في البلاد من تداعيات سلبية، على محمل الصعد الاقتصادية والمالية والاجتماعية وحتى الأمنية. فرئيس الجمهورية في زيارة رسمية إلى نيويورك للمشاركة في الدورة العادية التاسعة والسبعين للأمم المتحدة وكأن هذا الأمر لا يعنيه، وأكثر من ذلك فهو غير مستعجل على تأليف الحكومة، حتى تنتظم المؤسسات الدستورية، أو حتى ينطلق عهده في مسيرة الإصلاح والتغيير التي تعهد بها، قبل وصوله إلى قصر بعبدا أو بعده. ويعتبر ان التأخير الناتج عن النظام الديمقراطي المعمول به في لبنان أمر طبيعي حدث مثله في العديد من الدول الديمقراطية في العالم، والرئيس المكلف إكتفى برفع التشكيلة التي اقتنع بأنها ترضي كل الاطراف إلى رئيس الجمهورية وينتظر عبثاً الافراج عنها.
أما العقدة التي وضعت في وجه التشكيل فما زالت على حالها، بل ازدادت تعقيدا» ولا سيما منها العقد المسيحية بعد الكلام الذي نسب إلى رئيس الجمهورية ضد القوات ورئيسها الدكتور سمير جعجع في مطلع هذا الأسبوع، ورد جعجع عليه معيداً الوضع إلى المربع الأول لجهة أن القوات لم تعد ترضى إلا بخمسة حقائب وزارية مع حقيبة سيادية.
والامر نفسه ينطبق على العقدة الدرزية حيث ما يزال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط يصر على أن تكون كامل حصة الطائفة الدرزية في الحكومة الثلاثينية المتفق مبدئياً عليها بين كل الأطراف للحزب التقدمي بناء على النتائج التي افرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة، وفيما يوافقه على ذلك الرئيس المكلف يعارضه رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر الوزير في حكومة تصريف الاعمال، ويتمسكان بالنائب طلال أرسلان كوزير درزي ثالث في الحكومة المقترحة ويتذرعان بأنهما ضد احتكار التمثيل لأنه يخل بالميثاقية .
كل هذا معناه ان لا حكومة في المدى المنظور لأن العقد باقية على حالها من جهة والأهم من ذلك ان ما من فريق على استعداد لأن يزحزح عن وقفه لكي يفرج عن الملف الحكومي ويخرج البلاد من أزمة تكاد أن تتحول الى أزمة كيانية في حال استمرت كما يتردد في الكواليس السياسية بضعة أشهر أخرى.
بات المطلوب من رئيس الجمهورية، اذا كان يريد فعلًا أن ينطلق عهده، ويفي بالوعود التي قطعها الى اللبنانيين أن لا يلتفت الى نصائح صهره ويبادر فور عودته سالماً من الأمم المتحدة الى توقيع مرسوم التشكيلة التي أودعها اياه الرئيس المكلف لا أن يستمر في الرفض حتى يعيد الرئيس المكلف النظر في التشكيلة الوزارية بما يرضي رئيس التيار الوطني الحر الذي ما زال يصر على الثلث المعطل في الحكومة، ويجب عليه ان يعرف جيداً ان مثل هذا الانتظار سيطول لأن الرئيس المكلف لن يتراجع عن الصيغة الحكومية التي وضعها لانها تشكل في نظره ضمانة للجميع، ولا تعطى الأرجحية لأحد منهم لكي يتمسك بالقرار، ويسير الحكم بما يتناسب مع مصالحه وبما يلبي طموحاته السياسية.