بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 كانون الأول 2019 12:01ص وطن يحتضِر

حجم الخط
ما تضمنه البيان الختامي لمجموعة الدعم الدولية لأجل لبنان بعد اجتماعها الأربعاء الماضي في باريس من وقائع تدل على مدى ما بلغته حدة الازمة المالية والاقتصادية في هذا البلد المحكوم بسلطة منشغلة بنهب وسرقة المال العام وبمناكفاتها وخلافاتها، وشخصانياتها والانانيات التي لا تعرف الحدود، يبدو انه لم يصل إلى آذان هذه المنظومة السلطوية لا من قريب ولا من بعيد وكأن البلد لا يزال في ألف خير، هذا الوقع المؤلم يدفع اللبنانيين الى الخارج، عله يقدم على ما يمكن ان يهز ضمائر هؤلاء القابعين في القصور أو يردعهم عن الاسترسال في المغامرة بالوطن أو ما تبقى منه.

البيان الختامي لم يكتف بتوصيف الوضع الخطير الذي بلغه هذا البلد المنكوب بحكامه، بل وضع أساساً للولوج إلى الحل وانقاذه من هذا الوضع للتدليل على مدى اهتمام المجتمع الدولي به، ومدى حرصه على مساعدته، والحل بنظره بسيط هو قيام حكومة إنقاذ من الاختصاصيين المستقلين عن الطغمة الفاسدة والتي أفسدت كل شيء حتى أصبحت الدولة مفلسة أو على حافة الإفلاس.

وبدلاً من أن يتلقف أرباب السلطة الكرة ويبادروا فوراً إلى وضع خلافاتهم وشخصانياتهم ومناكفاتهم جانباً ويبادروا إلى الاتفاق على هذه الحكومة المستقلة من دون أي نقاش بيزنطي لا جدوى منه ولا نفع سوى الاطالة في عمر الأزمة، وتيئيس المجتمع الدولي من هذا البلد المنكوب بهم، ضربوا بعرض الحائط كل النصائح الدولية ليستمروا في تقاذف الكرة فيما بينهم والهروب من الإقرار بالواقع المؤلم والتعاون الايجابي للخروج من ولو بأقل الخسائر.

صحيح ان دول الدعم لم تقر أية مساعدات من شأنها ان توقف الكارثة أو تساعد على ايقافها، لكن الصحيح أيضاً ان هذه الدول عبرت عن استعدادها لتقديم الدعم المطلوب للانقاذ في حال استجابت السلطة الحاكمة لشروطها، وبادرت إلى تنفيذها من دون أي تلكؤ أو إبطاء، وفي مقدمة هذه الشروط، قيام حكومة إصلاحية موثوقة من المجتمع الدولي نفسه الذي يرعى ويراقب في ذات الوقت، بدلاً من أن تدير ظهرها كما حصل، وتستمر في المقامرة غير المحسوبة النتائج، وهو ما حمل الشعب اللبناني المنتفض منذ قرابة الشهرين على السلطة على مناشدة المجتمع الدولي عدم تقديم أي دعم لهذه السلطة الحاكمة كونها تتحمل وحدها مسؤولية ما آل إليه الوضع في البلاد.

مما لا شك ان مجمل مواقف الخارج يؤشر إلى أن المجتمع الدولي الذي عبَّر عبر اجتماع مجموعة الدعم في باريس عن اهتمامه بلبنان لن يبقى بعد ما لمس حقيقة ما تفعله السلطة الحاكمة مكتوف الأيدي، ذلك ان عدم تجاوبها مع مطالب شعبها، واستمرار مراوحتها في دائرة الأخذ والرد وسياسة المناكفات والاستغلال، والتفرد فيما البلد في موت سريري بات يحتّم دخولاً خارجياً ولو عن بعد لإنقاذ ما تبقّى من الدولة. إلا إذا استيقظـت ضمائر أرباب السلطة في الساعات القليلة التي تسبق يوم الاثنين المقبل الموعد المحدد للاستشارات النيابية التي تسبق تأليف الحكومة، واتفقوا في ما بينهم على الاتيان بحكومة إصلاحية تستجيب للشروط التي وضعتها مجموعة دول الدعم لأجل لبنان خلال اجتماعها هذا الأسبوع في باريس، وهذا الأمر لا يزال ممكناً ومتاحاً في الوقت نفسه في حال استيقظت الضمائر وأدركوا بأن هناك وطناً يحتضر.