4 تشرين الثاني 2023 12:01ص المحامي كمال فرحات... ذكراه في البال

حجم الخط
عشية غياب المحامي الأستاذ كمال فرحات شاءت الصدف انطلاق (طوفان الأقصى) ليهزّ كيان العدو الصهيوني في فلسطين، بفعل أولئك المقاومين الأبطال بجرأتهم الفائقة وعزيمتهم العارمة المفعمة بالبطولات والشهامات الوطنية التي لا تليق إلّا بالأحرار والشرفاء، مما أربك حكام هذا الكيان وأدماه، فاهتزّت صورته الأمنية والعسكرية، وأدّى إلى تخبّطهم واحباطهم النفسي والمعنوي مؤذنأً بأن بزوغ شمس الحق وقهر العدو الصهيوني وغيره من أعداء الأمة لا بد أن يأتي ولو بعد حين.
رحل الأستاذ كمال فرحات وقبله أشقاؤه أبناء البيت البقاعي العريق من بلدة بيت شاما المشهود لهم بلبنانيتهم وعروبتهم وبدفاعهم عن القضية الفلسطينية لا سيما الشقيق الطبيب الدكتور أحمد، ذلك المناضل البعثي الذي عرفته البيئات الاجتماعية المتواضعة والكادحة في البقاع وبيروت العاصمة وضواحيها بأعماله الإنسانية وبمداواته المرضى والمصابين.
وكما نشأ الدكتور أحمد وتفتحت عيناه على مبادئ البعث وعقيدته ومبادئه، كذلك كان الأستاذ كمال.
بانتماء الأستاذ كمال الى مدرسة البعث جسّد بقناعته الشخصية رأيا و سلوكا، هذا الانتماء، حيث أقام - بداية - في منزله في بيت شاما اللقاءات والندوات الحوارية لشابات وشباب البلدة وسائر الأهالي ما لبث أن حوّلها الى لقاءات ثقافية وسياسية دورية تضيء على قضايا الوطن والأمة لا سيما بخلفية المعلّم ورؤية المربّي، بداية، والحقوقي المحامي المدافع عن قضايا المظلومين الكادحين من على أقواس المحاكم وفي الساحات لاحقا.
خاض الأستاذ كمال المعارك النضالية على اختلاف أوجهها ومواقعها، انطلاقا من بلدته العزيزة بيت شاما وجوارها; قرى وبلدات البقاع، وصولا إلى بيروت العاصمة أينما وكيفما استدعت الظروف والتطورات؛ فكما كان قبل أحداث 1975 وما تلاها من أزمات، يشارك البقاعيين قضاياهم ومعاناتهم السياسية والاجتماعية سواء في الميادين أو في المكتب مشرّعا الأبواب لكل صاحب قضية عادلة دون منّة أو سؤال متابعا إياها لدى أجهزة الدولة ومؤسساتها، خاصةً من على أقواس المحاكم في بعلبك وزحلة وغيرهما، انتقل لاحقا الى بيروت تحت وطأة التعرض للملاحقة ومحاولات الاعتقال والتهديد من قوى الأمر الواقع ليتابع نضاله بأساليب ومقتضيات المرحلة المستجدّة خاصة في الدفاع عن وحدة لبنان وعروبته ودعم القضية الفلسطينية ونصرة سائر القضايا العربية.
وبانتقال الأستاذ كمال فرحات/ أبو نزار/ الى بيروت، قضينا مرحلة من العمر سويا بعيدا عن عائلتينا الصغيرتين، في مأمن، نسبيا، عن ملاحقة الأعداء والعملاء والمخبرين، نتبادل الآراء، نتحاور ونتابع شؤون الحزب ويومياته مع سائر الرفاق والأصدقاء، يحدونا الأمل بحتمية تحقيق الأهداف التي آمّنا بها منذ مطلع الشباب.
وكما كان الراحل العزيز متفائلا في بداية الطريق رغم الصعوبات، بمستقبل زاهر لبلدنا الحبيب لبنان ولوطننا العربي الكبير اللذين أودت بهما المنظومات الحاكمة الفاسدة الى مزيد من الضعف والانهيار، ظل حتى قبل توقف دقات القلب بدقائق معدودات والرحيل الى دار الحق، متشبّثا بالعقيدة التي أعتنقها وشاهدا على الحقيقة ومستذكراً القائد المؤسّس المرحوم الأستاذ ميشيل عفلق ورفاقه، ومردّدا بالصوت والصورة القول: «له الرحمة ولأمثاله من الأوادم المناضلين في سبيل وحدة الأمة وعزّتها».
لكل ذلك، لن ننسى الأستاذ كمال الذي حمل قضايا الوطن في قلبه وعقله وناصر المظلومين حتى آخر رمق العمر، ولن يغيب عن البال أو نقول وداعا أبدا لمن ترك عائلة وطنية كريمة، شابات وشبابا، ذوي الأخلاق والسير العطرة والمكانات العلمية والاجتماعية المرموقة. وسيبقى معنا بوجود المهندس نزار والطبيب الدكتور جهاد والأستاذة ربيعة والشقيقات: رولا، رويدا ورندا.
وان قلنا للرفيق أبو نزار وداعا، فلن يفارقنا وستبقى ذكراه ومضة ضوء وأمل رغم الأشلاء والدماء والدمار في غزة، والخوف على لبنان.

محمد حلاوي