بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 آذار 2024 12:00ص سياسة شعوب العالم الثالث وفق سلوك الإستجابة والإنطفاء

حجم الخط
إن السياسة التي تطبق على شعوب العالم الثالث: العرب والأفارقة، تم التوصل إلى دورها بالتجارب على الكلاب.
الأولى توصّل إليها بافلوف الروسي (١٨٤٩-١٩٣٦).
لقد جوّع الكلب ثم رنّ جرساً وأطعمه، واستمر بتجاربه حتى وصل إلى أن الكلب عندما يسمع رنّة الجرس يسيل لعابه ولو لم يقدم له الطعام، وهكذا تحصل الإستجابة بمجرد سماع الجرس، وخرج بافلوف بنظرية التعلم الشرطي الكلاسيكي.
تطبيقها على الشعوب المشار إليها آنفاً:
بعد مزيد من المضايقات يتم الإيحاء لمنطقة ما بوجوب الإستقلال عن المحتل فيهبّ شعبها بالتظاهر والثورة زمناً فيصدر قراراً بمنحها ما أرادت، لكن بعد فترة يجد شعب تلك الدولة أنه يعيش في تخبط واضطراب مما يجعله يشعر بأن زمن الإحتلال كان أفضل من حقبة الإستقلال.
تحصل أزمة غلاء وضائقة اقتصادية، وبإيحاء مدروس جيداً تقوم الجماهير بالتظاهر وتكسير وإحراق المؤسسات وتكسير إشارات السير وتخريب وتدمير فإذا بالأزمة تتفاقم والغلاء يستشري والفقر يزداد.
وفي مكان آخر يتم زرع احتلال استيطاني وتهجير الشعب الأصلي مما يدفع ذلك الشعب للثورة والنضال على أمل تحرير أرضه وإخراج المحتل فإذا بالإحتلال يتوسّع مع ما يرافقه من مجازر وتدمير.
وهكذا كلما استجابت الشعوب سعياً وراء التخلص من مآسيها تجد نفسها في واقع أسوأ بأضعاف مما كان عليه من قبل.
ومن بعدها تصل تلك الشعوب إلى عدم الاستجابة ومواجهة أي اعتداء أو أزمة مستجدة، ومن يراقب واقع أمة تقف متجمدة في مكانها إلّا من مناشدة الرأي العام الدولي (مفتعل الأزمات نفسه) كي يخلّصها مما يحصل في الأرض المقدسة والتنكيل بأهلها يدرك السبب وراء حالها.
إن السلوك الجديد في حال الأمة ينطبق على نظرية الإنطفاء عند عالم النفس الأميركي سكنير (١٩٠٤-١٩٩٠) الذي توصل إلى انطفاء الإستجابة عند الكلب بعدما كان يرنّ الجرس ويطعمه توقف عن تقديم الطعام له بعد رنّة الجرس على مدة، عندها توقفت الإستجابة عند الكلب ولم يعد يسيل لعابه.
هذه حال أمة تستجيب جماهيرها ضاربة عرض الحائط بما يقول بعض العقلاء والحكماء وأهل الخبرة، حتى وصلت إلى أن انطفأت عندها القدرة على درء المخاطر التي تتهددها وأضحت ساحتها مستباحة تُذكر بردّة فعل آخر خلفاء العباسيين، عبد الله المعتصم بالله (حكم ما بين ١٢٤٢-١٢٥٨) عندما تأتيه أخبار احتلال أية منطقة من قبل المعتدين المغول يقول: لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم.

علي لاغا
المؤسسة العالية للبحث العلمي