27 كانون الثاني 2024 12:00ص عام غزّة الجديد بين الألم والأمل

حجم الخط
هيفاء الخطيب

أين صاحب مقولة: يا أبا عبيدة جاهد بالسنن؟ إن أبا عبيدة قد جاهد بالسنن وقد حفظ كتاب الله تعالى وطبّق السنّة والواجب في الجهاد، بينما كنت أنت وأصحابك وأسيادك ترقصون على أنغام الموسيقى، وأبا عبيدة وإخوانه يتلون كتاب الله تعالى قبل الرمي وبعد الرمي وفي الأنفاق، هذا هو حال القسام.
لا شيء يُذكر في هذا العام الجديد غير نصر ٧ أكتوبر، لقد كان عاماً مليئاً بالغصّة والألم والوجع، لم نسمع إلّا صوت بكاء الأطفال واستغاثة الشيوخ ودعاء الثكالى.
لقد منع العدو عنهم كل مقومات الحياة من الماء والغذاء والدواء، ولو استطاع لمنع عنهم الهواء، لم يتنفسوا إلّا رائحة الدماء ولم يروا إلّا جثث وأشلاء الشهداء، ولم يكن لديهم أي تخطيط للمستقبل.
لقد تبدّد الحلم واغتال العدو طفولتهم وقصف دورهم وهدم منازلهم وتلاشت أحلامهم، لم يعد هناك عام دراسي، المدارس أصبحت مأوى لمن لا ملجأ لهم ولم يبقَ لهم إلّا مجرد الحلم بالعودة أو الى التظلل تحت سقف بيت أو الإحتماء وراء جدار مهدم أو البحث عن شربة ماء أو لقمة طعام تسدّ رمقهم، لقد تعلموا مهارات جديدة منها: البقاء على قيد الحياة وعلى النزوح ومهارة جمع الحطب والطبخ على النار والصبر على الجوع وعلى العطش ولقد دفعتهم الغريزة للبقاء سالمين آمنين ولو بأي ثمن، كلما سألهم أحد عن حالهم قالوا (لسّا عايشين).
إن خشونة الموقف قد زادت من صلابتهم وأذهبت خوفهم ودفعتهم للمواصلة وتمسّكوا بثوابتهم ورسموا الطريق لمتابعة مجدهم نحو العزّة والفخر والمجد، لقد أضحى في كل بيت شهيد ومفقود ومقعد ومبعد وأسير.
لقد ازدادت معنوياتهم وارتفعت هممهم ودعوا الله ربهم لينصرهم واحتسبوا استشهاد أولادهم عند الله تعالى إصطفاء، لقد سطّروا أعظم البطولات من التضحية والفداء ولم يرضخوا ولن يخضعوا للصهيوني الغاصب، لقد أخذوا بالأسباب وتوكلوا على الله تعالى ومضوا في طريق الجهاد وكان جلّ هدفهم أن يرضى الله عنهم، أي صبر وأي جهاد هذا، لن تهزم هذه الأمة. ولم يكن أحد منا شغله الشاغل سوى المكوث أمام التلفاز ليرى القضية تتكلم عن نفسها بكل لغات العالم، الأنظار الآن كلها إتجهت نحو القضية الفلسطينية عامةً وما يحدث على أرض الإسراء والمعراج خاصة، سيكون هناك ولادة جديدة وأمل جديد رغم الألم المستمر لغزة العزة ولأحرار وشرفاء فلسطين.