من دون أدنى شعور بالندم أو
الأسف، فجّرت شركة تعدين أستراليّة موقعًا تراثيًا وثقافيًا مهمّ للسكان الأصليّين
في غربي أستراليا، في نهاية الأسبوع الماضي، بحجّة توسيع منجم للحديد.
وما يثير الانزعاج في أستراليا،
حيال هذا الأمر، أنّ شركة التعدين المسؤولة عن الحادث فعلت ذلك بإذن من الدولة، الأمر
الذي يسلّط الضوء على قوانين الحفاظ على التراث الضعيفة في أستراليا، خصوصًا وأنّ الشركة
حصلت على الإذن بتنفيذ التفجيرات في العام 2013.
فقد أقدمت شركة "ريو تينتو"
للتعدين وبشكل متعمد، على تدمير ملجأي "جوكان 1" و"جوكان 2"، اللذين
يقال أنّ تاريخهما يعود إلى ما قبل أكثر من 46 ألف سنة، في منطقة بيلبارا، غربي أستراليا.
فيما كان سكان البلاد الأصليين،
المعروفين باسم "أبورجيني" قد سكنوا الملاجئ الصخريّة قبل أكثر من 46000
سنة، مما يجعلها واحدة من أقدم مواقع التراث في البلاد، وتفجيرها يشكل خسارة تراثيّة
وثقافيّة كبيرة لأصحاب الموقع التقليديّين من شعوب بينيكورا وبوتو كونتي كوراما، بالإضافة
إلى علماء الآثار الذين لم يجروا تحريات كاملة عن هذه المواقع.
كما نقلت "أي بي سي"
عن رئيس لجنة أرض بوتو كونتي كوراما، جون أشبورتون، قوله إنّ "شعبنا منزعج وحزين
للغاية من تدمير هذه الملاجئ الصخريّة وحزين على فقدان الاتصال بأسلافنا وكذلك أرضنا..
ندرك أن شركة ريو تينتو قد امتثلت لالتزاماتها القانونيّة، ولكنّنا نشعر بقلق بالغ
إزاء عدم مرونة الأسس التنظيميّة".
هذا وعثر في العام 2014، خلال
رحلة استكشافيّة للموقع، على عناصر ذات أهمية أثريّة في ملاجئ الصخور، تضمّنت أحجار
الطحن القديمة، وهي أدوات مصنوعة من عظم الكنغر تعود إلى حوالي 28000 سنة، وحزام عمره
4000 عام مصنوع من شعر الإنسان ولقى أثرية أخرى.
أشبورتون أوضح في بيان
"هذا أحد أقدم المواقع، إن لم يكن الأقدم على الإطلاق في المرتفعات بيلبارا وهو
جزء من المناظر الطبيعيّة الغنيّة في المنطقة التي لم تتم دراستها بتعمق.. هناك أقل
من حفنة من مواقع السكان الأصليين المعروفة في أستراليا مثل هذا الموقع ونعلم من الدراسات
الأثرية أنها واحدة من أقدم المواقع الاستيطانيّة البشريّة على المستوى الوطني.. لا
يمكن الاستهانة بأهميتها".
من جانبها، قالت أستاذة القانون
في جامعة ديكين سامانثا هيبورن، إنّ ملاجئ جوكان الصخريّة هي المواقع الأستراليّة الداخليّة
الوحيدة التي وثقت النشاط البشري حتى آخر العصر الجليدي، مضيفة "إنّ التراث الثقافي
للشعوب الأصلية جزء أساسيّ من حياة مجتمع الشعوب الأصلية وهويته الثقافيّة"، مشيرة إلى أنّ شركة ريو تينتو كانت تعمل "ضمن القانون"،
وأنّ "هذا الفشل في وضع ضمانات تنظيميّة مناسبة وفي الوقت المناسب يكشف عن تجاهل
وعدم احترام لمواقع السكان الأصليين المقدسة".
وفي بيان نشر بعد الحادث المدمر،
لم تعبّر ريو تينتو عن أيّ ندم أو أسف، وصرّح متحدث باسم الشركة لوكالة فرانس برس
"عملت ريو تينتو بشكل بناء مع ممثلي شعب بوتو كونتي كوراما في مجموعة من المسائل
التراثيّة بموجب الاتفاقية وعدلت عملياتها حيثما أمكن عمليًا لتجنّب الآثار التراثيّة
وحماية الأماكن ذات الأهمية الثقافيّة للمجموعة".
المصدر: سكاي نيوز عربيّة