بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 حزيران 2020 07:34م كيف أشعل "ملهى ليلي" فتيل إحدى أسوأ الاضطرابات بأميركا؟

حجم الخط
بعد مضي أكثر من قرن على نهاية الحرب الأهلية الأميركية، وإجهاض العبودية بفضل الرئيس الجمهوري أبراهام لنكولن، عاشت الولايات المتحدة الأميركية في العام 1967، على وقع صيف ساخن شهد خلال شهر تموز/يوليو عصيانًا وأعمال شغب هزّت مدينة ديترويت (Detroit) بولاية ميشيغان (Michigan)، وتسبّبت في سقوط عدد كبير من الضحايا. وقد جاءت هذه الأحداث التي تميّزت بطابعها العرقي لتُثبت هشّاشة الوضع بالبلاد.

فتزامنًا مع بداية نهاية سياسة التمييز العنصري في البلاد، انتقل العديد من ذوي الأصول الإفريقية للسكن في المناطق المتحضّرة بالمدن التي تميّزت في السابق بأغلبية سكانها البيض. وفي المقابل، غادر عدد كبير من السكان البيض هذه المناطق واتجهوا للعيش بالضواحي إما بسبب رفضهم العيش بجوار أصحاب البشرة السمراء أو بسبب خسارتهم لوظائفهم.
 
 
 
 وأمام رحيل السكان البيض وخسارتهم لموظفيهم، فضّل العديد من رجال الأعمال وأصحاب المشاريع والمتاجر مغادرة هذه المناطق التي حلّ بها ذو الأصول الإفريقية، كما أهمل المسؤولون السياسيون هذه الأحياء ذات التركيبة العرقية الجديدة مساهمين بذلك في انتشار الفقر والبطالة وارتفاع مستوى الجريمة بها. ومن ضمن هذه الأحياء، يذكر التاريخ اسم حي فرجينيا بارك (Virginia Park) في ديترويت الذي تكدّس فيه نحو 60 ألف ساكن من محدودي الدخل، على الرغم من صغر مساحته، وقد مثّل هذا الحي أثناء الستينيات مركزًا للتوتر والمشاكل العرقية التي أرّقت قسم الشرطة في ديترويت.

إضافة لذلك، تميّز قسم الشرطة بديترويت بأغلبية من البيض حيث لم يتواجد في صفوفه سوى نحو 50 شرطيًا فقط من ذوي الأصول الإفريقية، وبسبب ذلك عادى السكان السود في المدينة رجال الشرطة وصنّفوهم كجيش استعمار أبيض.

يوم 23 تموز/يوليو 1967، حدث ما لم يكن في الحسبان عند الطريق الثاني عشر القريب من حي فرجينيا بارك، حيث تدخّل رجال الشرطة في ديترويت ضدّ ملهى ليلي غير مرخص يُقدّم المشروبات الكحولية ارتاده ذوو الأصول الإفريقية وباشروا بحملة اعتقالات لتندلع على إثر ذلك مواجهات أجبرت رجال الأمن على التراجع.

وبعد مضي ساعات قليلة، تجمهر الآلاف قادمين من المباني القريبة في حي فرجينيا بارك لتندلع إثر ذلك أعمال شغب ونهب طالت العديد من المتاجر والمحلات المغلقة في الطريق الثاني عشر، وتسبّبت في اندلاع حرائق أرّقت رجال الحماية المدنية حيث عمد المحتجون لمهاجمتهم ومنعهم من إخمادها.
 
 
 
 وقد امتدت دائرة العنف لتشمل حي فرجينيا بارك والمناطق المحيطة به. وأمام هذا الوضع، طلب المسؤولون في ديترويت المساعدة من حاكم ولاية ميشيغان جورج رومني (George Romney) الذي وافق على إرسال حوالي 300 عنصر إضافي من رجال الأمن.

إلى ذلك، عجزت هذه القوة الإضافية عن وقف حالة الفوضى في ديترويت فما كان من جورج رومني إلا أن اتصل بالرئيس لندون جونسون (Lyndon B. Johnson) طالبًا منه إرسال قوات لاستعادة الأمن. وبناء على ذلك، حلّ ألفان من قوات المظليين بديترويت وانتشروا في شوارعها مدعومين بالآليات العسكرية والمروحيات لتعرف بذلك هذه الفوضى نهايتها بحلول يوم 28 تموز/يوليو 1967.

في الأثناء، أسفرت حالة الاحتقان والفوضى التي استمرت لنحو 5 أيام عن مقتل 43 شخصًا وإصابة 342 آخرين واعتقال حوالي 7 آلاف من مثيري الشغب.

من جهة ثانية، تعرّض 1700 متجر للسرقة، وأُحرقت أكثر من ألف بناية، ووجد نحو 5 آلاف شخص أنفسهم في الشارع بلا مأوى، وقد قُدّرت الخسائر المادية حينها بما يزيد عن 50 مليون دولار.

 
 
 
في المقابل، شكّل الرئيس جونسون لجنة بقيادة حاكم ولاية إلنوي أوتو كيرنر (Otto Kerner) للتحقيق في أسباب ما حصل بديترويت. وبعد نحو 7 أشهر، قدّمت هذه اللجنة تقريرًا من 426 صفحة تحدّثت من خلاله عن وجود أكثر من 150 أحداث شغب ذات علاقة بمشاكل عرقية ما بين عامي 1965 و1968، كما أكدت سقوط 83 قتيلًا و1800 جريح وخسائر بأكثر من 100 مليون دولار خلال العام 1967 لوحده. أيضًا، أكّد التقرير أن البلاد بصدد الانقسام نحو مجتمعين منفصلين وغير متكافئين أحدهما أبيض والآخر أسود.

(العربية)