عاش العالم، ما بين عامي 1775 و1783، على وقع حرب الاستقلال
الأميركية، حيث لم تتردد المستعمرات الثلاثة عشرة، التي كانت مجموعة من
المستعمرات البريطانية على الساحل الشرقي لأميركا، في خوض غمار حرب طاحنة
ضد الإنجليز لإنهاء حكمهم وسيطرتهم على المنطقة.
وشهدت هذه الحرب
تدخل العديد من الأطراف، ولعل أبرزهم فرنسا، التي لم تتردد في مساندة
الأميركيين ليكون لهم دور حاسم في استقلال المستعمرات الثلاثة عشرة ونشأة
الولايات المتحدة الأميركية. وغرقت فرنسا في الديون لتشهد عقب ذلك أزمة
اقتصادية واجتماعية تسببت في اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789.
وللحصول
على استقلالها، خسرت المستعمرات الثلاثة عشرة حوالي 70 ألفاً من رجالها،
قتل أغلبهم إما على ساحات المعارك أو بسبب الأوبئة. وبفضل هذه التضحيات،
أجبرت بريطانيا يوم الثالث من أيلول/سبتمبر 1783 على توقيع اتفاقية باريس،
التي اعترفت إثرها بسيادة الولايات المتحدة الأميركية، منهية بذلك هذه
الحرب التي استمرت قرابة الثماني سنوات.
وتقدر مساحة الولايات
المتحدة حالياً بنحو 3.8 مليون ميل مربع لتصنف، بناءً على العديد من
المصادر، كثالث أكبر دولة من حيث المساحة خلف كل من روسيا وكندا.
وعشية
توقيع اتفاقية باريس عام 1783، لم تتجاوز مساحة الولايات المتحدة 892 ألف
ميل مربع، حيث تكونت حينها من 13 ولاية فقط، هي مستعمرات إنجلترا الجديدة
سابقاً، والتي تضمنت كلاً من ماساتشوستس ونيوهامبشير ورود آيلند وكونتيكت،
والمستعمرات الوسطى السابقة، التي تضمنت كلاً من ديلاور ونيويورك ونيوجيرسي
وبنسلفانيا، إضافة إلى المستعمرات الجنوبية، التي تضمنت فرجينيا وماريلند
وكارولاينا الشمالية وكارولاينا الجنوبية وجورجيا.
خريطة المستعمرات الثلاثة عشرة والتي شكلت الولايات المتحدة عقب الاستقلال
وفي السنوات التالية، تمكنت الولايات المتحدة من مضاعفة مساحتها مرات عدة، سواء عن طريق الاتفاقيات أو عن طريق الحروب.
ففي
حدود عام 1803، وأثناء فترة حكم الرئيس الثالث في تاريخ أميركا، توماس
جيفرسون، حصل الأميركيون على منطقة لويزيانا الفرنسية، التي قدرت مساحتها
بنحو 828 ألف ميل مربع من خلال اتفاقية مع الجانب الفرنسي مقابل مبلغ يعادل
15 مليون دولار لتتمكن الولايات المتحدة من مضاعفة مساحتها بعد مضي 20 سنة
فقط عن توقيعها لاتفاقية باريس مع البريطانيين.
توماس جيفرسون
خريطة تجسد الأراضي التي حصلت عليها الولايات المتحدة عقب صفقة شراء لويزيانا الفرنسية
كذلك حصل الأميركيون على أراضٍ جديدة انطلاقاً من اتفاقيات مماثلة
مثل اتفاقية عام 1819 الموقعة مع الإسبان، التي هيمنت من خلالها الولايات
المتحدة على مناطق فلوريدا مقابل 5 ملايين دولار واتفاقية أوراغون مع
البريطانيين عام 1846 واتفاقية غادسدن مع المكسيك عام 1853 وصفقة ألاسكا مع
روسيا عام 1867، التي باعت من خلالها روسيا ألاسكا البالغة مساحتها 591
ألف ميل مربع لأميركا مقابل مبلغ زهيد يعادل 7.2 مليون دولار.
صك بيع ألاسكا الروسية للولايات المتحدة عام 1867
كما حققت الولايات المتحدة مكاسب أرضية أخرى، لعل أبرزها عملية ضم
جمهورية تكساس المكسيكية الأصل، البالغة مساحتها 390 ألف ميل مربع، وصفقة
شراء الأراضي المكسيكية عام 1848، والبالغة مساحتها 529 ميل مربع مقابل
مبلغ 15 مليون دولار، حيث أجبر الأميركيون المكسيكيين على توقيع هذه الصفقة
عقب النصر العسكري الساحق، الذي حققته الولايات المتحدة على المكسيك خلال
الحرب ما بين عامي 1846 و1848.
لوحة زيتية تخليداً للحرب الأميريكية المكسيكية بين عامي 1846 و1848
خريطة للمناطق التي حصلت عليها الولايات المتحدة عقب نجاح حربها مع المكسيك بين عامي 1846 و1848
ونجح الجيش الأميركي عام 1898 في السيطرة على جزر هاواي، البالغة
مساحتها 6450 ميلا مربعا، قبل أن تصبح هاواي رسمياً عام 1959 الولاية
الأميركية رقم 50.