بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 أيلول 2019 12:02ص 36 عاماً مَضَتْ على غياب كروان الشرق «فايزة أحمد»

يكفي أنها غنّت «ست الحبايب» لـ «عبد الوهاب» بأعلى إحساس

فايزة أحمد فايزة أحمد
حجم الخط
في 21 أيلول/ سبتمبر الجاري تحلُّ الذكرى 36 لغياب المطربة الكبيرة «فايزة أحمد». لا شيء تغيّر عن السنوات السابقة، فلا إحتفال ولا مجلس فاتحة عن روحها من ولديها الطبيبين وأرملها الفنان محمد سلطان، بإستثناء كلام مكرّر عن الحزن والإشتياق إليها لا يحمل الكثير من المنتظر.

ماتت «فايزة» عن 49 عاماً فقط. وعاشت آخر سنوات عمرها في قسوة وهوان فقد أرهقتها آلام سرطان الثدي، وتم إستئصال صدرها في مرحلة أولى لكن من دون فائدة تُرتجى في فترة العلاج التي خاضت معظمها في شقتها الجديدة بمنطقة الزمالك والتي لم تسعد بها بعدما أنجزت ديكوراتها وجهّزتها لكي تكون مكانها الرحب والمريح بعد سنوات التعب والمتابعة.

عاشت فترة طويلة على ما تيسّر من الطعام الخاص المسلوق والذي شَكتْ دائماً من أنها لا تشعر بأنه طعام إنه يملأ مساحة محدودة من المعدة من دون لذّة الإستمتاع بما تتناوله، فلا سكر ولا ملح ولا دسم، مع عشرات اللاءات الأخرى يزيد من همّها بعض الاتصالات غير الإنسانية أو الأخلاقية التي كانت تتلقاها وتبكي بحرقة. كانت لوحدها في شقتها إلاّ من سيدة أو إثنتين، وعاملة منزل، مع قلّة من الزوّار والمتصلين للإطمئنان.

بيروت كانت في أوقات متقاربة وجهتها الأحب، وكانت تفضّل الإقامة عند صديقتها مدام عاشور، في منطقة عين التينة قريباً جداً من مقر الرئاسة الثانية هناك، ورغبت دائماً في لقاء صديقات قليلات، وحديثها الدائم عن ولديها اللذين كانا يدرسان الطب في فرنسا. واللذان تعرّفنا عليهما في اللقاء الذي جمعهما مع والدهما الموسيقار «سلطان» بالسيدة «ماجدة الرومي» وزوجها «أنطوان دفوني» بحضور المخرج الراحل حديثاً «سيمون الأسمر»، بدعوة من السيدة ماجدة لإستطلاع إمكانات التعاون الفني، بين الطرفين في أحد مطاعم سنتر لاسيتيه - جونيه.


..ومع الموسيقار عبد الوهاب



شعرت بوحدة قاتلة مع مرضها، وردّدت أمامنا في شقتها ومن على سريرها «على المرء أن يحسب الأيام السيئة التي تنتظره في نهاية الطريق، نعم لا أحد إلاّ أنت تقدر على ضمان إحترامك وعدم المهانة». وتذكّرت أكثر من مرة آلاف الحاضرين من محبّي صوتها في الحفلات الجماهيرية، وكيف يكون المشهد مناقضاً وقت المرض، لا أحد أبداً من كل الناس أمامك، المرآة فقط، يعني أنت وحسب.

عرفت عزّاً نعم. عرفت أكبر تقدير لصوتها الرائع من كل كبار الزمن الجميل، صحيح أن زوجها «سلطان» لحن لها الكثير من أغنياتها لكن هذا لم يمنع أن يكون الموسيقار محمد عبد الوهاب من أكثر الكبار تلحيناً لصوتها ولم تعرف لائحة ألحانه حظوة لمطرب أو لمطربة عربية رقماً كالذي قدّمه لـ «فايزة» إلا ما غنته له الفنانة الكبيرة «صباح». ويكفي «فايزة» اللحن الخالد «ست الحبايب» من شعر «حسين السيد» الذي لو كانت غنّته وحده لكفاها فخراً على مدى حياتها الفنية، لكن «عبد الوهاب» قدّر دائماً قيمة وطاقة حنجرتها فغنّت من ألحانه أيضاً (بريئة، بصراحة، تراهني، تهجرني بحكاية، الجيل الصاعد – نشيد، حمّال الأسية، خاف الله، راجعلي من تاني، صوت الجماهير، قالولي هان الود عليه، وقدرت تهجر، يا غالي عليّ يا حبيبي يا خويا) وأخذت من كبار ذاك الزمن: السنباطي (لا يا روح قلبي)، زكريا أحمد (شكوت إليك الجوى)، فريد الأطرش (يا حلاوتك يا جمالك)، عوض الدوخي (صوت السهارى). كذلك حضرت مع الثلاثي المبدعين يومها بليغ حمدي (حبيبي يا متغرب، ما تحبنيش بالشكل ده)، محمد الموجي (بيت العز، يمَّه القمر عالباب) وكمال الطويل (أسمر يا أسمراني).